التقييم الأميركي لجنيف - مقدمة نشرة أخبار توب نيوز- 2-2-2014- ناصر قنديل

كل الأطراف الرئيسية المشاركة في عملية جنيف تجري تقييمها لجولة التفاوض وجلسة الإفتتاح التي شهدتها مدينتا منترو وجنيف السويسريتين  لكن يبقى الأهم بفعل الوظيفة والدور هو التقييم الذي تجريه واشنطن .

الواضح ان واشنطن هي المعني الأول بجنيف بإعتبار الوظيفة الرئيسية لجنيف هي ترتيب عملية سياسية تفاوضية تنتج نظاما إقليميا للشرق الأوسط يسبق إنسحابها من افعانستان وليست وظيفة جنيف سورية بحتة من زاوية النظر الأميركية إلا بمقدار التأثير والتأثر الناتجين عن إجمالي العملية السياسية للمنطقة والموقع المرتقب لسوريا من ضمنها .

ليست اميركا من السذاجة بمكان لتراهن على تحقيق أهدافها المعلنة خلال ثلاث سنوات بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد عبر إستبدال الغزو العسكري والحشد الدولي بوجه سوريا لتحقق الهدف نفسه بعد الفشل والتراجع عن أشد خيارات القوة قسوة بسبب عدم ملاءمتها أو عدم إمكانية السير بها حتى النهاية بتفاوض يجري خارج القدرة  على إمتلاك أوراق قوة تسمح بمثل هذا الرهان وإلا لكان التفاوض الذي جرى في لحظة حشد الأساطيل والتلويح بساعة صفر للحرب  على سوريا قد دار على مستقبل الرئيس الأسد كما دار حول مستقبل الرئيس العراقي السابق صدام حسين عندما قال انه جاهز لتسليم كل ما يسميه الغرب مشاريع سلاح دمار شامل لتفادي شن الحرب وكان رد الرئيس الأميركي يومها يخرج الرئيس صدام حسين وولدية من العراق ويسلمان الحكم لمندوب دولي وإلا فالحرب آتية وكانت الحرب .

التفاوض والجيوش ليست في الميدان لا بل والجيش السوري هو من يحقق الإنجازات في الميدان  لذلك لا يمكن ان يخطر ببال عاقل انه يمكن ان يشكل التفاوض طريقا لتحقيق ما لم يكن ممكن تحقيقه في ذروة الحشد للحرب والتصعيد العسكري .

واشنطن بالمقابل لا تتقبل لجنيف ان ينجح بصياغة حل سياسي في منتصف الطريق بين الحكومة والمعارضة وفقا لمعادلة بقاء الرئيس الأسد وهي لا زالت تنادي برحيله وتدفع حلفاءها وجماعاتها من المعارضة السورية للإصرار على ذات الشعار فقضية واشنطن من جنيف هي شيئ آخر غير هاتين الفرضيتين فما هي ؟

واشنطن حققت إعادة التماسك لكل حلفها الذي تصدع مع بداية التموضع تحت عنوان مغادرة الحرب للسياسة والذهاب للتفاهم النووي الإيراني بعد التفاهم  الكيميائي السوري والتماسك يجري  تحت شعار هو الحل السياسي ولو كانت شعاراته وهمية ومستحيلة التحقيق .

واشنطن حققت الجلوس مع الحكم السوري الذي تعرف ويعرف حلفاؤها انه يدين بالولاء لرئيسه و يتلقى تعليماته منه دون أن تدفع في السياسة ثمن هذا الجلوس بعد شعاراتها العالية السقف من نوع لا تفاوض بالمطلق وبعدها لا تفاوض ولا حوار بلا رحيل الرئيس الأسد وصولا إلى لا حوار بلا إعادة التوازن العسكري واي من هذه الشروط  لم يتم تحقيقها ولا جرى إحترامها بقبول واشنطن للتفاوض والحوار بدونها .

واشنطن حولت منصة جنيف لبريد رسائل تفاوضي مع إيران عشية بدء المفاوضات النهائية حول امللف النووي الإيراني وسيكون البريد جاهزا لنقل الرسائل الإيجابية بفتح باب حضو إبران وسلبيا بتعقيد هذا الحضور وفقا لمقتضيات التفاوض.

مطلع الصيف يحين موعد الإستحقاق الرئاسي في سوريا ومعه نهاية مهلة التفاوض مع إيران ومعهما مهلة نهاية فرص توقيع إتفاقية أمنية مع حكومة قرضاي في أفغانسيتان فتكون معالم النظام الإقليمي الجيدي قد تبلورت ويصير وقت رؤية الأداء والإنخراط السياسي الأميركي .

حتى ذلك الموعد واشنطن سستعامل جنيف كمنصة مستديمة  لا تتفكك لكنها لا تصل لشيئ في السايسة سوى توفير مظلة للإنخراط التفاوضي وبريد لتوجيه الرسائل .

حتى ذلك الموعد سيختبر السعودي تحت العين الأميركية كل ما في جعبته من إحتياط وسيقدم الجيش السوري كل ما عنده من إنجازات ليتيهيأ المسرح  لتلقي السايسة على صفيح ساخن تتحدد فيه الأدوار بعد ان تكون قد تحددت الأحجام .

2014-02-02 | عدد القراءات 2506