يبدو أن جنيف أمام جولة حاسمة لن يكون سهلاً تركها تنتهي كالتي قبلها، لأن الدعوة لجولة ثالثة بلا أفق يعني الدعوة لجولة عاشرة بلا أفق، فالتساهل بجعل المؤتمر مسرحاً لقصائد الزجل من دون الدخول في البحث الجدي بمعادلات واقعية مؤسسة على موازين القوى السائدة، والمهيأة للمزيد من الإختلال لصالح الجيش السوري، كما تقول جبهات حلب ومصالحات ريف دمشق وحمص وحماه وما ينتظر جبهة القلمون، بصورة اضطرت وزير الخارجية الأميركية جون كيري للإعتراف بتفوّق الجيش السوري وتفوّق الرئيس بشار الأسد، والتحسّن الذي لحق بالتوازنات لصالحه .
التفكير بمستقبل الرئيس الأسد كهدف يقرّره الكيد والحقد السعوديين، وبقاء الأميركي أسيراً لهذه المعادلة، سيؤدي لفشل جنيف وخطر انفراط عقده، بحيث تصبح هذه الجولة معرضة لتكون الأخيرة، والبديل الوحيد المتاح هو تقبل حقيقة يقدمها «جنيف ـ 1» تلتقي مع معادلة الدولة السورية، وتقوم على كون «جنيف ـ1» الذي جرى تبنيه لمحاصرة دعوات الحوار التي أطلقتها الدولة السورية من جهة، والتمهيد لمنح مسلحي المعارضة فرصة السيطرة على المدن تحت شعار وقف العنف أولاً من جهة أخرى، بما كان يعنيه في حينها وفقاً لخطة كوفي أنان من انسحاب للجيش والأجهزة الأمنية من هذه المدن، قد صار اليوم معكوساً، فبعدما تحول العنف إلى مغزى مختلف هو الحرب على الإرهاب، صار «جنيف ـ 1» نصاً وروحاً مطلب الدولة السورية بعدما كان مطلب خصومها، فهل تتستدرك واشنطن الفرصة وتضغط للبحث في آليات وقف العنف تحت عنوان الحرب على الإرهاب؟ واعتبار ذلك كما قال «جنيف ـ 1» المدخل للبدء بالعملية السياسية القائمة على مشروع حكومة ائتلافية تحت سقف الدستور الحالي؟ أم لا تزال واشنطن أسيرة الابتزاز السعودي بقوة امتلاكها التأثير على تنظيم القاعدة؟ وتجد الطريق الوحيد لتفادي المواجهة معها بسلوك طريق تمرير الوقت، لبلوغ الاستحقاق الرئاسي السوري الذي يقدم مخرجاً يحفظ ماء الوجه لبدء الانخراط التفاوضي المباشر مع الدولة السورية من قبل الدول الغربية، تأسيساً على ما نتج من عملية ديمقراطية حازت الاعتراف بنزاهتها وشرعيتها، وهذا ما ورد في تصريح ذي مغزى لرئيس لجنة الأمن والخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، يطالب عبره واشنطن بتقبّل نتائج انتخابات الرئاسة السورية التي قد تحمل الرئيس بشار الأسد مجدداً لولاية رئاسية .
السياق يفرض الانتقال من الدعوة لتشكيل هيئة حكم انتقالية لن تبصر النور، إلى التداول بين الدولة السورية والمعارضة بمعونة الأمم المتحدة، بتشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات كما تحدثت بعض التقارير الغربية .
مصادر متابعة للموقفين السوري والروسي تعتبر أن حسم الرحيل المبكر للسفير الأميركي روبرت فورد، كمشرف ومنسّق للحرب على سورية، بعد فشل الجولة الأولى سيحمل فرضية جدية برحيل المبعوث الدولي الأخضر الابراهيمي، في حال فشل الجولة المقبلة من التفاوض في التأسيس لحوار جدّي ومُجدٍ .
2014-02-07 | عدد القراءات 2716