التطورات في الملفّات الساخنة لا يمكن لها التعايش مع الجمود، فسقف الملفّ الحكومي في لبنان هو نهاية شهر نيسان، عندما لا يعود ممكناً لرئيس الجمهورية توقيع مرسوم تشكيل حكومة جديدة، وبالتالي تسلّم الحكومة المستقيلة التي تقوم بتصريف الأعمال إلى حكومة تتولّى صلاحيات رئيس الجمهورية، أمام ما يبدو من عجز عن تمرير الاستحقاق الرئاسي، في ظلّ العجز عن التفاهم على تشكيل حكومة يفترض أنّ نسبة التوافق التي تحتاجها أقل بكثير من تلك اللازمة للنجاح في انتخاب رئيس جديد للجمهورية .
في سورية أيضاً، يداهم الاستحقاق الرئاسي اللاعبين المعنيين سوريّاً وإقليميّاً ودوليّاً، فمنذ مطلع شهر أيار تبدأ الترتيبات لإطلاق العملية الانتخابية، ما يعني أنّ شهرَي آذار ونيسان هما آخر فرص البحث عن تفاهم سياسي لتشكيل حكومة جامعة في سورية قبل الانتقال للخيار الصعب، في جعل الاستحقاق الرئاسي نقطة التحوّل البديل نحو الحل السياسي فيجعل الاستحقاق محطّة تنافسية ترتضي المعارضة خوض غمارها، في ظل حضور دولي يجري التفاهم على طبيعته ونوعه ووظيفته، وتنبثق من نتيجة الانتخابات المعادلة السياسية الجديدة لسورية التي تتأسّس عليها الحكومة الجديدة والعلاقات الإقليمية والدولية الجديدة، مع الترجيحات شبه الأكيدة لفوز الرئيس بشار الأسد، وإلا فيصبح الاستحقاق الرئاسي خارج إطار التوافق على خوض غماره من المعارضة، والتعامل معه كمفصل يستدعي التشارك من الهيئات والمنظمات الدولية المهتمّة بما يجري في سورية وخصوصاً الأمم المتحدة، محطة تصادمية تجدّد مفاعيل الأزمة وتزيدها تصعيداً، ويصبح الاستمرار بعدها في جنيف اعترافاً ضمنياً بالنتائج والخروج منه إقفالاً لطرق التسويات في ظل غياب كامل للبدائل .
على مستوى التفاوض الفلسطيني ـ «الإسرائيلي» برغم القدرة على تمديد المهل كما في المفاوضات الإيرانية ـ الغربية في قلب معادلة الملف النووي الإيراني، إلاّ أنّ ذلك يستدعي إحداث اختراق جوهري يبرر التمديد لمواصلة ما بدأ من إنجاز، أما بلوغ نهاية المهلة من دون تقدّم يذكر فيفرض حكماً إغلاق التفاوض والاعتراف بالفشل وانسداد الأفق، وما يتضمّنه ذلك من فتح أبواب المنطقة على مواجهات لم تكد تخرج من أتونها بعد .
شهر شباط الجاري يبدو شهر الوقت الضائع، والشهور الثلاثة الممتدة من آذار حتى نيسان وأيار تبدو أشهر المنعطفات الحاسمة، نحو خيارات تمهّد للانخراط في التسويات، طالما بقي خيار المواجهة الشاملة مقفلاً، بعد وصول التصعيد إلى الذروة، عندما كادت المنطقة تدخل المواجهة الشاملة مع تحديد ساعة الصفر للحرب على سورية واكتمال حشد الأساطيل .
ملفات لا تحتمل التأجيل فإما أن تنطلق حكومة الأمر الواقع في لبنان وما يليها من تصعيد، أو الحكومة الجامعة تمهيداً لعبور آمن للاستحقاق الرئاسي ولو متأخراً، وإما أن يجري التوصّل لمسارات تفاوضية حول سورية تنطلق من التسليم بالدور المحوريّ للرئيس بشّار الأسد، سواء عبر حكومة في ظل صلاحيته الرئاسية، أو في تغطية دولية ـ إقليمية لمحطة تنافس رئاسيّ تنتهي بتسوية تتزامن مع تكريس مكانة الرئاسة السورية في قلب الحرب على الإرهاب، وإلا فانفراط عقد جنيف والعودة لمساريّ المواجهة، العسكري في الميدان، والسياسي في حرب محورها شرعية الاستحقاق الرئاسي .
في المفاوضات الفلسطينية ـ «الإسرائيلية» تبدو عقدة العقد، فأي تفاهم على إنجاحها وفق التصوّر «الإسرائيلي» يعني العجز عن تسويقها عربياً، وأيّ تنازلات «إسرائيلية» تستدعي البحث بصفقة شاملة عربية «إسرائيلية» بحدّ أدنى مقبول، يبدو مستحيلاً من دون رصد أموال طائلة وغطاء عربيّ وازن، أما المفاوضات مع إيران فتتوقّف على ما هو أبعد من الملفّ النووي، وخصوصاً لمستقبل الخليج السياسي والأمني، إضافة لكل الملفّات الأخرى والمتداخلة بين كل من إيران وأميركا .
2014-02-08 | عدد القراءات 2728