ينفق الأخضر الإبراهيمي نصف الجهد المبذول لإنجاح مؤتمر جنيف وفقا لخطته على ما يسميه الملف الإنساني ، ومنذ تولي المراقبين العرب مهمة التدخل لإنتاج تقرير منصف وحيادي تجاه الأزمة السورية ، لم يتغير تعريف الملف الإنساني في قاموس المبعوثين من كوفي عنان إستمرارا للأخضر الإبراهيمي قبل وبعد ومع جنيف .
تعريف الملف الإنساني كان مفهوما أن يتربط في بداية الأحداث التي شهدتها سوريا بالحديث عن جملة الإجراءات الواجب على الدولة السورية إتخاذها لتخفيف الأذى اللاحق بالمدنيين من جراء هذه الأحداث .
حتى أغلب الذين يؤمنون بأن الذي يجري في سوريا منذ بداياته لم يكن لا ثورة ولا حركة إحتجاج ولا إنتفاضة شعبية بل تحريك غوغائي و غرائزي مبرمج لحسابات لا صلة لها لا بقضية الإصلاح ولا بالمطالب التي رفعت حينها ، كانوا يرون أن الدولة السورية بصفتها الممسك الأساسي بالساحات الميدانية للمواجهات والتي تملك تفوقا مطلقا في آلة العنف ، هي المطالب الرئيسي بالتريبات المندرجة تحت عنوان الملف الإنساني كالإفراج عن الموقوفين الذي يجري سوقهم عفوا أثناء المواجهات من باب الحيطة ، أو تأمين الغذاء والدواء والخدمات الأساسية للمدنيين الذي يحاصرون في أحيائهم ومنازلهم بسبب الإشتباكات في هذه المنطقة أو تلك .
تطورت الأحداث في سوريا ، و دخلت مرحلة صار فيها المسلحون المحسوبون على المعارضة يسيطرون على أحياء في مدن أو على مساحات من الأرياف ويمارسون سلطة بديلة عن سلطة الدولة ، و بقي مفهوم الملف الإنساني جامدا لم يتغير ، فالمدنيون المطلوب العناية بهم و تحصينهم من أثار العنف هم فقط أولئك الذي يقعون عرضا او عمدا تحت تاثير عنف مصدره أجهزة الدولة ، أو يحاصرون في أحياء وقرى تطوقها هذه الأجهزة ، دون الأخذ بالحساب ان الأمر صار حربا بكل ما في الكلمة من معنى والحصار صار طوقا على مسلحين يحتلون جزءا من السيادة الوطنية للبلد ، ويتخذون المدنيين دروعا بشرية ، وإيصال المساعدات للناس هو ضمنا إيصال الدعم للمسلحين بينما قمة الإسنانية دعوة المدنيين للخروج من حيث يسيطر المسلحون .
لم يتغير مفهوم الملف الإنساني رغم ما تعرض له المدنيون في حلب قبل سنتين مع دخول الغزوة المعارضة إليها من البوابات التركية وما رافقها من مذابح علنية ضد من سموا بالعائلات الموالية نساء وأطفالا وشيوخا ، ولا تغير ابدا بعدما صارت مكونات تنظيم القاعدة تقيم سلطتها ومحاكمها علنا وتفتي بالقتل والذبح الحلال والتطهير العرقي بحق الأكراد والمذهبي بحق السنة المخالفين لها والعلويين والمسيحيين والدروز والإسماعيليين ، فبقي تعريف الأمم المتحدة والإبراهيمي في طليعة المعرفين والعرافين يطبق فقط حيث يجب مطالبة الدولة وحدها .
كبير العرافين لم يسمع اليوم بمجزرة معان بل باله مشغول بإدخال قوافل التموين إلى حمص حيث لواء الحق يحتاج الإمداد والعنوان هو ملف إنساني .
بئس الإنسانية الإبراهيمية بعدما صارت غطاءا للعنصرية بابشع مظاهرها .
رحم الله نسلون مانديلا الذي شارك الإبراهيمي في تشييعه نفاقا ، ويعيد دفنه كل يوم في سوريا .
قيل في الماضي إن لم تستح إفعل ما شئت .
2014-02-10 | عدد القراءات 3051