يقع المراقبون للمشهد السوري في الخطأ عندما يفترضون ان الإختيار واجب على المتابع والمحلل في القول أن الطريق ممهد أمام الحل السياسي أو الحل العسكري .
ليس في سوريا كما في كل حرب فرص لمثل هذه الإختيارات فالتبادل والتناوب بين الخيارين سيستمر حتى تتبلور معادلات الميدان والسياسة المتناسبة والقادرة على صياغة نهاية للأزمة بأبعادها الداخلية والخارجية .
لا المواجهة العسكرية صرف داخلية او خارجية ولا المواجهة السياسية تدور حول قضايا صرف داخلية او خارجية وفي قلب البعدين السياسي والعسكري تقاطعات بين المتواجهين من مثل الأفق المستقبلي للحرب على الإرهاب التي مهما كابر خصوم سوريا في الغرب لا يستطيعون الثبات على منطق التغاضي عنها بدافع الكيد أو تحسين المواقع .
جنيف بذاته هو وليد مرحلة من المواجهة العسكرية كان عنوانها بعد معركة القصير كما أعلنه وزراء خارجية دول الحرب على سوريا من الدوحة في نهاية حزيران العام الماضي إعادة التوازن العسكري والفشل في إعادة التوازن رغم حشد الأساطيل الأميركية ورحيلها والوصول إلى بداية تراكم إختلالات اشد خطورة مع إنفجار المعارك بين المجموعات المسلحة من جهة وحرب القلمون في قارة والنبك ودير عطية و كذلك في حلب وريف دمشق من جهة أخرى هي ما مهد للقبول بعملية جنيف كسياق تفاوضي خارج وهم التعديل المتوقع في الموازين العسكرية .
التسليم بالحل السياسي لا يعني التلسيم بشروط الخصم لذلك كان من الطبيعي لجولتي جنيف الوصول للطريق المسدود دون أن ينفرط عقد العملية السايسة بل لتتم العودة للميدان العسكري لرسم توازنات جديدة ستقرر مضمون وجدول اعمال والسياق الذي سيحكم جنيف 3 بصفته الوعاء الذي ستوضع فيه ثمار المواجهات .
يضع الجيش السوري ثقله لحسم القلمون وما تبقى من جرود لبنان وسوربا الحدودية على مساحة ثلاثة آلاف كيلومتر مربع ويتابع تقدمه في مدينة حلب وريفها وويعزز مواقعه في المنطقة الشرقية ويمنح الفرص للمصالحات المتقادمة في ريف دمشق لإنهاء تعب الخاصرة الدمشقية وبالمقابل يغير المعارضون قيادتهم العسكرية وينتقلون من الشمال إلى الجنوب ويتحدث الغرب عن التسليح وتجهيز حملة عبر الأردن لتغيير التوازن مجددا وينحى بندر بن سلطان إعلانا لنهاية فرصة القاعدة في تغيير التوازنات ويسلم محمد بن نايف دفة المواجهة لإضافة جديده النظامي .
إذا تعدت حدود الرهانات على معركة جنوب سوريا حدود التسلل والحرب النفسية فهي مشروع حرب إقليمية ستغير وجه المنطقة و سيكون مستقبل الأردن والسعودية مطروحا على بساط البحث خلالها أكثر من مصير سوريا وإذا لم يحدث ما هو غير مألوف فالجولة ستنتهي بدخول الجيش السوري إلى حلب والقلمون وإنهاء العبث في دمشق وريفها ويأتي جنيف 3 ليقارب الإنتخابات الرئاسية بمضمون الدعوة لجعلها عنوان الحل السياسي ومدخله ضمان التنافسية فيها .
2014-02-23 | عدد القراءات 2985