حرب القرم – مقدمة نشرة أخبار توب نيوز – 27-2-2014- ناصر قنديل

التكوين الإتني والعرقي للدول الأوروبية وخصوصا بين السلافيين والجرمانيين و الفلامنغ واللاتين و الفايكنغو الأيبريينوالإنغلوساكسونيشكل تاريخيا واحدة من عقد الصعود والأفول للإمبراطوريات وقد تناوبت هذه الأعراق على حكم أوروبا قرونا طويلة فيما بقي اليهود كديانة قديمة سابقة لدخول المسيحية إلى أوروبا أقرب من الديانة للإتنية بفعل حصر التزاوج بين أبناء ديانتهم ولاحقا صاروا اقرب للأمة الإفتراضية العابرة للقوميات بفعل تمسكهم بلغة قديمة تجمعهم فوق اللغة التي يتكلمها كل منهم في بلده .

بعد الأزمات المتعاقبة على الكنيسة وصلتها بالدول الصاعدة والآفلة تداخل التكوين العرقي والديني فصار الأرثذوكس والكاثوليك والإنجيليين البروتستانت و اللوثريين و صارت الخطوط الديمغرافية لتوزع السكان تتقاطع عند المكونين العرقي والديني فالدول الإسكندينافيةفايكنغوبروتستنات و مثلهم بريطانيا بروتستانتية و إنغلوسكسونية و أسبانياأيبيريينوكاثوليك وفرنسا جرمان بخليط كاثوليكي بروتستانتي  وهكذا .

بين روسيا ودول القرم شراكة عرق وديانة ففي بلاد القرم رومانيا وهنغاريا وليتوانيا وأوكرانيا وجيورجيا والشراكة مع روسيا بنسبة من السكان ذوي الأصول السلافية والديانة الأرثوذوكسية .

خلافا للمتعارف عليه اليوم بالوحدة بين دول الغرب في مواجهة الشرق عندما كان الغرب فرنسيا بريطانيا والشرق روسيا عثمانيا عرفت اوروبا أعنف حربين بين دول الشرق فيما بينها بتحالف قسم الغرب قسمين متقابلين و الفالق الذي يقود الإنقسام كان كاثوليكي أرثوذكسي ففي  مطلع القرن التاسع عشر بين العامين 1805 و1815 كانت الحرب في ظاهرها شرق غرب بين الجيوش الفرنسية الروسية التي دارت بقيادة نابليون والكسندر الأول و بدأت بدخول نابليون إلى موسكو وإنتهت بدخول القوات الروسية إلى باريس بينما كانت بريطانيا حليفا لروسيا في الحرب وكانت بلاد القرم هي المسرح الرئيسي لهذه الحرب  وتأثرت ديمغرافيتها بتداعياتها .

في العام 1853و حتى العام 1856 إندلعت حرب روسيية عثمانية حول بلاد القرم وإنتهت بنصر نسبي لروسيا إنتقص منه ما فرض عليها في معاهدة باريس للسلام من تراجع من بعض الأراضي التي إحتلتها ومنع سفنها الحربية من عبور البحر الأسود و عرف من يومها مصطلح السعي الروسي للوصول للمياه الدافئة لكن بقي الروس منتصرين رغم التحالف الفرنسي البريطاني مع الإمبراطورية العثمانية بمعنى التحالف الإسلامي الكاثوليكي الإنجيلي بوجه الأرثوذكس .

بلاد  القرم وبلاد البلقان كانت قضية الصعود والهبوط للإمبراطوريات الأوربية والبلقان يضم يوغوسلافيا وبلغاريا والبانيا لتصير الحدود الأوربية عند الكاثوليك والجرمان .

روسيا بإنتصارها في الحرب العالمية الثانية توقفت عند حدود البلقان والقرم فيما عرف بأوروبا الشرقية التي تشكلت تحت عنوان الشيوعية وتبدو في طور التشكل مجددا تحت عنوان ديني عرقي سلافي أرثوذكسي بعدما ظهر الحلف الأطلسي كاثوليكيا بروتستانيا فيه شراكة إسلامية عبر تركيا والسعودية كما كانت حرب القرم قبل مئتي عام .

روسيا العائدة بقوة كحماية للمجموعات السلافية و الأرثوذكسية لا تستطيع إلا أن تنطلق من التاريخ وان تشعر بالندم على صمتها في حرب يوغسلافيا وضرب صربيا وإنشقاق البوسنة وكرواتيا وأن تستذكر مع أوكرانيا محاولة لتكرار المشهد اليوغوسلافي .

لذلك أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن جيوشه ستحمي من وصفهم بذوي الأصول الروسية في القرم وهذا يعني ان الحرب البادرة التي اطلقتها أزمة أوكرانيا قد تتحول إلى حرب ساخنة ما لم تتم مراجعة سريعة للتهور الغربي خصوصا ان الفالق الديني الأرثوذكسي الكاثوليكي سيجتاح بلدان مثل هنغاريا ورومانيا و ليتوانيا ويقسمها إذا ما تركت أوكرانيا تشتعل وصولا للتقسيم .

الغائب الحاضر في حروب الماضي  والحاضر هو اليهود .

2014-02-27 | عدد القراءات 4597