في قلب تأرجح العالمي بين خيارات مصيرية كبرى، كان لبنان يتأرجح على حبال الصيغ المتداولة لبيان حكومته الجديدة، حيث قضية المقاومة وسلاحها محور الشدّ والجذب منذ بدء النقاش ولو بصيغ مواربة، وحيث جاءت الغارة «الإسرائيلية» وفضيحة العجز عن التفاعل مع مقتضياتها من موقع لبناني وطني من قبل فريق الرابع عشر من آذار لتفضح العجز اللبناني عن بناء مفهوم الدولة الوطنية، فتحت شعار العبور إلى الدولة كان فريق الرابع عشر من آذار بدلاً من أن يتصرف وفقاً لمقتضيات مسؤولية الدولة يعيد إنتاج لغته الفئوية التي تنتظرها «إسرائيل» كنتيجة لعدوانها، الذي لم يحقق عسكرياً أي هدف، بل كان يكفيه أن يكون قد تحقق من كون رهانه على هشاشة الروح الوطنية في مفاصل القرار الرسمي للدولة هو رهان في مكانه، فلم تهتز أقلام الكتاب في لجنة صوغ البيان لصدى القصف «الإسرائيلي» وتقول نضع كل شيء جانباً ونوجه للعدو الرسالة التي تقول «نحن نختلف في ما بيننا لأسبابنا كلبنانيين لكننا لن ندعكم تكسبون الرهان على انقساماتنا، فالمقاومة التي تنزلكم إلى الملاجئ في بيان منها تحظى باحتضان شعبها وتبني دولتها» بل على العكس تماماً رسب فريق الرابع عشر من آذار في امتحان الغارة فوجّه الرسالة التي ينتظرها «الإسرائيلي» بأن المقاومة التي يستهدفها وتنزله للملاجئ تحاسَب ويضيّق عليها في صوغ البيان الوزاري ويجري تجاهل ما قدمته للبنان من تضحيات ومشاعر بالعزة الوطنية والإنجاز بالتحرير وردع العدوان .
الثامن من آذار رسمت معادلة التعامل مع مستقبل المناقشات للبيان الوزاري وفقاً لعاملَي التزامن والتوازن. فإعلان بعبدا وثلاثية الجيش والشعب والمقاومة يلتصقان معا وفقاً لمبدأ التزامن الذي يقضي أيضاً بحضور متزامن لكل نسبة من العلنية المكشوفة والواضحة أو المضمرة لأي منهما، وجنب التزامن مبدأ التوازن، أي أن النسبة التي يحضر فيها إعلان بعبدا بعلانية ووضوح هي نسبة حضور الثلاثية بذات العلنية وذات الوضوح، وكل نسبة من التلميح تعادلها نسبة موازية من التلميح، وقد أعدّ وزراء الثامن من آذار في اللجنة، سيناريوهات التوازن الافتراضية لما قد يحمله وزراء الرابع عشر من آذار، للموقف من المقاومة وسلاحها .
حكومة تتبنى في بيانها الوزاري النأي بالنفس عما يجري في سورية كما يدعو رئيس الجمهورية هي الحكومة التي ستكون مجبرة في بيانها على تبنّي سلاح المقاومة لتحرير الأرض وردّ العدوان، وحكومة ترتضي الاكتفاء بالدعوة لإبعاد لبنان عن سياسة المحاور الإقليمية والدولية، ستكون حكومة تكتفي بتأكيد حق لبنان واللبنانيين بمقاومة الاحتلال والعدوان .
الخيار متروك للمترددين بين إنتظار نهاية مهلة الثلاثين يوما ، لتصير الحكومة لتصريف الأعمال ، كما ينص الدستور ، أو القبول بالفول ليصير في المكيول ، وفول المقاومة جاهز ويطابق فيه حساب الحقل حساب البيدر .
2014-02-28 | عدد القراءات 3428