الكلام الذي ساقه رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان بحق المقاومة كان مستغربا ، لوقوعه أبعد مدى من مجرد الخلاف على مشاركة حزب الله في القتال داخل سوريا ، ليطال مبدأ الوجود والصفة وهذا تحول خطير في الخريطة السياسية اللبنانية ، ذهبت إلى مثله قوى الرابع عشر من آذار في ذروة الإشتباك مع المقاومة قبل ولادة الحكومة الأخيرة ، لكنها قدمته كموقف تكتيكي ضاغط عندما صارت في حكومة مع حزب الله ، وكان الرئيس ميشال سليمان يتخذ موقفا منحازا للرابع عشر من آذار لكن دون التطابق معه ، وكان مفهوما ذلك بسبب قربه اصلا من هذا الفريق على حساب موقعه التوافقي من جهة ، وإنتسابه لذات المرجعية الدولية والإقليمية مع هذا الفريق من جهة مقابلة .
إقدام الرئيس سليمان على موقف متطرف ضد المقاومة أبعد من موقف الرابع عشر من آذار وأبعد من مرجعيته ومرجعيتها الخارجية السعودية الأميركية ، وفي وقت تخفض الرابع عشر من آذار سقف خطابها العدائي لا يبقي سببا لموقف سليمان سوى الغيظ والحنق من رفض حزب الله لتمديد ولاية رئيس الجمهورية .
سكن لبنان في بيت الطاعة الذي أخذه إليه رئيس الجمهورية عقاباً على عدم سير اللبنانيين بالتمديد، فصارت الثلاثية التي تقوم على تكامل الشعب والجيش والمقاومة طالقةً بالثلاثة بلا جرم ترتكبه، سوى أنها حمت لبنان ورفعت مكانته بين الدول والأمم وأرعبت عدوّه فسمّيت «خشبية» لتحلّ مكانها ثلاثية شعب وجيش وقيم مشتركة، يتساءل اللبنانيون عن ماهيّتها إن لم تنجح المقاومة بالتحوّل لأهمّيتها كتعبير عن التمسّك بالكرامة الوطنية، فهل هي قيم الحرب الأهلية، أم قيم الطائفية أم قيم المحسوبية أم قيم الفساد؟
الثلاثية الذهبية للشعب والجيش والمقاومة صارت طالقة بالثلاثة، والزواج من إعلان بعبدا يصرّ أن يكون أحاديّاً بعدما صار ميثاقاً وطنياً حسب كلام رئيس الجمهورية، والإعلان هو مجرد استعارة لعبارات وردت في نتائج الحوار الذي جرى في المجلس النيابي عام 2006 وليس فيها من جديد ولا من مبرّر لهذا التمجيد، سوى الإيحاء لمن يكيدون للمقاومة أنها إعلان انضمام لأحلافهم بما تضمره من دعوة لا يتضمنها الإعلان لانسحاب حزب الله من سورية.
الثلاثية ارتضت البقاء في البيت الزوجي رغم الإصرار على إعلان بعبدا زوجة ثانية، فأصرّ الزوج على الطلاق، لأن الزوجة المتفانية تقوم بتنظيف فناء الدار من مستنقعات لا تجلب إلا البعوض .
أسئلة حول ما طرحه سليمان
الأسئلة التي يريد اللبنانيون أجوبة عليها هي من نوع:
- هل ما بشّر به الرئيس من تسليح للجيش سيضم شبكات دفاع جويّ أم لا، ولا يهم الباقي كله، لأنه من دون شبكات دفاع جوي عصرية وحديثة سيكون تسليح الجيش بهبة سعوديّة ورعاية فرنسية مجرّد تحريض للاستعداد للفتنة بين الجيش والمقاومة؟
- هل سيكون بديل وجود حزب الله في سورية إعلان تعاون الجيشين اللبناني والسوري لتنظيف المناطق الحدودية من التجمّعات الإرهابية، لأن أي بديل آخر هو ترك لبنان مستباحاً كقاعدة تسرب للإرهاب نحو سورية والعودة بالسيارات المفخخة والانتحاريين إلى لبنان؟
- هل سيكون لدى الجيش اللبناني قرار بالردّ الفوري على أي عدوان؟
خلاف ذلك سيكون الطلاق مع الثلاثية والزواج مع إعلان بعبدا، انكشافاً للبنان أمام عدوان الثنائي «الإسرائيلي» القاعدي، والمشكلة أن الذين وصفوا الثلاثية بالمعادلة الخشبية، وتمسّكوا بإعلان بعبدا كميثاق وطني جديد لم يقولوا شيئاً من المطلوب ولا يبدو أنهم سيقولون.
الخلاصة أن سليمان ينسف البيان الوزاري ولو مؤقتا .
2014-03-01 | عدد القراءات 3715