تقع الرغبة السعودية بحسم المرجعية الضائعة في الخليج في رأس الأسباب التي أدت لإندلاع النزاع الذي جرى تظهيره وتصعيده تحت عنوان العلاقة القطرية بالأخوان المسلمين و الإلحاح الذي فرضه ملف الأخوان للحسم يرتبط بالتأكيد بمستقبل مصر وحاجة السعودية لوضعها في رصيدها الخاسر بخسارة الرهان على الإستيلاء على سوريا .
منذ بدأت قطر تتطلع قبل عقد وأكثر للعب دور مرجعي منافس للسعودية مع إستضافتها أكبر قاعدة عسكرية أميركية في العيديد بعد نزوحها من السعودية مع تنامي عمليات تنظيم القاعدة هناك حصلت الإمارة التي لا يزيد عدد سكانها على الربع مليون نسمة على مكانة تفوقت على السعودية في الكثير من البلدان وخصوصا تلك التي عصف بها الربيع العربي .
بقوة المال الوفير الناتج عن حجم ثروتها في قطاع الغاز من جهة و حجم نفوذ قناة الجزيرة في العالم العربي من جهة أخرى برصيد ما قدمته في تغطية أعمال وإنتصارات المقاومة في لبنان وفلسطين من جهة والهزائم الأميركية في العراق وأفغانستان وتقديمها خدمات إعلامية لتنظيم القاعدة من جهة اخرى إضافة لإنفتاحها على سوريا وإيران وقوى المقاومة صارت قطر الصغرى دولة عظمى .
جاء الربيع العربي وثبت أن قطر قد أحسنت إستثمار ما فعلته وما أسسته مع تنظيم الأخوان المسلمين وكيف وظفت مالها في السياسة التركية التي يحكمها الأخوان لتستولي عبر الأخوان على الحكم في مصر وتركيا وتعزل السعودية وكيف أن قطر كانت بمعرفة أميركا وإسرائيل تمارس هذا الإنفتاح لتكبير ارصدتها المعنوية في الرأي العام للتمكن من توظيفها في الوقت المانسب وكيف أن هذا الإنفتاح هو الذي مكن قطر سواء من حماية القاعدة الأميركية الهامة داخل أراضيها او الذي مكنها من التهيؤ للعبة خداع الشارع العربي بلغة الغوغائية الشعبوية لدفع عملية التغير وفقا للأجندة المرسومة مع واشنطن .
عندما بدأت بشائر التغير في مصر ضد الأخوان وبدأ التعثر في سوريا لمشروع الحرب لم تهدر السعودية لحظة واحدة للتقدم وملء الفراغ وتقديم أوراق الإعتماد مجددا للأميركي واضعة شرطها الرئيسي والوحيد خروج أمير قطر ورئيس وزرائه من حكم الإمارة و تراجع قطر إلى حجمها كدولة خليجية صغيرة تهتم لشؤونها الداخلية .
اليوم وقد نشبت الحرب لأن قطر لم تتأقلم بسرعة مع الدور الجديد من جهة ولأن الحقد السعودي لم يكتف بربح الدور بل يريد ان يرتوي بالثأر ممن تطاول وفكر بالنيل من مكانة بني سعود من جهة مقابلة ولأن الإستحقاقات الداهمة تفرض التسريع بحسم مصر وترتيب نصر سعودي يسترد المهابة بما يتيح تفواضا متوازنا مع إيران صارت الحرب معلنة .
الذين خاضوا غمار الربيع العربي لعبوا على الحبال السعودية القطرية من تونس إلى ليبيا واليمن ولكن خصوصا في سوريا ولبنان وهؤلاء اليوم امام الخيار الأصعب فلم يعد ممكنا الجمع بين التعامل المالي مع قطر والسعودية في جيب واحد وعليهم الإختيار سريعا تحت طائلة تلويح سعودي بإدراج المترددين والمتمسكين بصندوق المال القطري على لوائح الإرهاب بل تعقد الأمر أكثر بعد قرار المخابرات السعودية بمساءلة كل من يقدم نفسه محسوبا على المملكة عن الظهور على قناة الجزيرة ومن لا يلتزم يقطع عنه المال وليدبر راسه مع قطر .
أيتام كثر يحسبونها اليوم ويضربون اخماسا بأسداس منهم من سيحسمها سعوديا بعدما يزيد طلب موازنته بداعي تعويض خسارة ما كانت تقدمه قطر وبعضهم سيراها فرصة للبحبوحة المالية بالإستناد للسخاء القطري الراهن نكاية بالسعودية .
2014-03-09 | عدد القراءات 3201