تتعدد اشكال مقاربة الإنتخابات البلدية في تركيا وإنعكاسها على مستقبل رجب طيب أردوغان السياسي و الكثير من الإعلام المتابع وقع ضحية الخطاب الذي ألقاه اردوغان مع فرز نسبة 25% من اللأصوات والتي أظهراته متقدما على خصومه فرفع سقف الخطاب والتحدي .
النتائج المتلاحقة قد لا تحمل تغييرا في تقدم أردوغان الإنتخابي على خصومه ومن كان يربط قيمة الإنتخابات كإمتحان سياسي لأردوغان بهزيمته أمام خصومه لا يعرف الواقع السياسي والإنتخابي التركي الذي لا يدعي فيه أي من خصوم ومنافسي أردوغان القدرة أو الرهان على زحزحته من المرتبة الأولى بين الأحزاب المتنافسة .
المعيار الأول للإمتحان هو المقارنة بين نسبة الأصوات التي سيحوزها أردوغان وحزبه مع نتائج الإنتخابات البرلمانية الأخيرة التي منحته تفويض تشكيل الحكومة منفردا بنيل نسبة زادت عن نسبة الخمسين بالمائة من المقترعين و التزحزح عن نسبة الخمسين بالمائة تعني أولا حتى لو بنسبة ضئيلة ان أردوغان الذي سيبقى كفائز اول المرشح الأبرز لتشكيل حكومة جديدة بعد الإنتخابات النيابية العام القادم لكنه سيكون مضطرا للبحث عن حلفاء لتشكيل أغلبية قد يجدهم بشروط قاسية وقد لا يجدهم لكن وفي كل الأحوال سيكون الخط البياني قد كسر الذروة والقمة وبدأ بالهبوط إذا أخذنا بالإعتبار العام 2000 كنقطة بداية للصعود وعام 2011 كقمة الصعود وبداية التراجع وعلى هذا الصعيد النتائج الأولية أظهرت فقدان أردوغان وحزبه نسبة الخمسين بالمئة والتراجع ب 5% من الأصوات لكنها فوق ذلك ستظهر تراجعا أكبر مع نهاية الفرز كما يتوقع حزب أردوغان نفسه وقد تستقر عند حد ال42 وال 43 بالمئة بتراجع يصل ل20% من الوزن الإنتخابي المحقق وهو تراجع يجب ان يدق جرس الإنذار بقوة .
المعيار الثاني هو قراءة الخط البياني الناجم عن حصيلة التصويت مقارنة بالماضي وإستشرافا للمستقبل فالإنتخابات النيابية بعد عام وهو العام الذي سيكرس المزيد من النتائج المشابهة المتفاقمة طالما بدأ الهبوط تحت تأثيرها فالمنطقي أنه سيزداد تحت تأثير تكريسها وفي المقدمة ما يجري وما سيجري على ضفاف الحدود مع كل من العراق و إيران وسوريا وروسيا حيث تبدو كل مؤشرات التعافي والقوة لأربع مراجع إقليمية ودولية قوية تزداد قوة وتكبر المسافة الفاصلة بينها وبين أردوغان وسياساته و المتوقع في هذا الإطار ان يخسر أردوغان نسبة مشابهة للتي خسرها هذه المرة فيتقهقر من اكثر من النصف إلى أقل من الثلث ليتقابل على حافة التوازن والتساوي مع خصم منافس لرئاسة الحكومة بنسبة مماثلة هي ال33إلى ال35 بالمئة .
المعيار الثالث هو مصير المربعات حيث تصنع السياسة و هي الموزعة بصورة فعلية بين أربعة نقاط ساخنة وحساسة ديار بكر والمدن الكردية التي كان يتقاسمها أردوغان وحزبه مع مناصري حزب العمال الكردستاني والتي تبدو وقد حسمت وفقا للمؤشرات الأولية لحساب خصوم أردوغان بصورة شبه كلية والثانية هي العاصمة الشعبية لأردوغان ونقطة إنطلاقه في إسطمبول حيث كان بلا منافس والمرشح الدعوم من أردوغان فائز بفوارق مريحة تنفي صفة التنافس بينما اليوم تبدو النتائج غامضة رغم الأغلبية التي يتوقعها الكثيرون لأردوغان وحزبه ومرشحيه لكنها اغلبية من نوع 55 مقابل 45 وليس 75 مقابل 25 ومثلها المنافسة الحامية وغير المحسومة بصوة أشد في العاصمة السياسية أنقرة حيث لا تزال فرص الخسارة والربح على حافة الهاوية للفريقين المتنافسين حزب الشعب الجمهوري وحزب العدالة والتنمية أما النقطة الساخنة الأخرى فهي العاصمة الثقافية أزمير التي تبدو وقد حسمت لمنافسي أردوغان وحزبه وهذه النتائج تعني ان السياسات التي إتبعها أردوغان سواء تجاه علمنة الدولة أو قضية الحريات أو السياسة الخارجية تشكل مصادر إستنزاف سيتسع الشق الذي فتحته في سترة أردوغان .
الفارق بين الإنتخابات البلدية و الإنتخابات النيابية عامل إضافي في القراءة فالأولى تجري على المتسوى المحلي وعموما يميل الناس لمن يقدم لهم الخدمات تاركين السياسة للإنتخابات النيابية و من في الحكم هم الأقدر على الخدمات كما تتحكم فيها العلاقات المحلية من المدرسة للمسجد والعائلة وهذه نقاط تأثير لحزب أردوغان بينما يصنع النواب للبرلمان في النقابة والصحافة والتلفزيون هذه نقاط ضعف حزب أردوغان
أفول حزب العدالة والتنمية بدأ وقد يهرب أردوغان للترشح للرئاسة تاركا هموم قيادة الحزب والحكومة للرئيس عبدالله غول املا بتحسين صورة الحزب وتعديل سياساته لضمان تجديد الدور .
2014-03-31 | عدد القراءات 4204