راهن وزير الخارجية الأميركي جون كيري على ورقته الرابحة في توظيف العوامل الإستثنائية الحاكمة في الشرق الأوسط لدخول التاريخ وتعويض كل الهزائم التي جلبها لإدارته والورقة الرابحة هي نجاح المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية .
رهان كيري ينطلق من تداعيات متنامية لتطورات المواجهة الحاسمة التي تشهدها المنطقة ومحورها سوريا سواء على ضفة مصادر القوة الإسرائيلية أو تأثيرها على الساحة الفلسطينية للوصول بالطرفين منهكين مستسلمين للمشيئة الأميركية لتدبير ما يمكن تدبيره للخروج بحل يحفظ ماء الوجه للقيادتين الفلسطينية والإسرائيلية .
إسرائيليا ينطلق رهان كيري من سقوط الخيار العسكري مرارا من يد القيادة الإسرائيلية لإسترداد قوة الردع و العجز عن إحداث تغيير نوعي في قواعد الإشتباك يتيح لإسرائيل ترميم أسباب ضعفها مما سيجعلها تعتمد بنسبة شبه كليه على الحماية الأميركية السياسية أو العسكرية و الإقتصادية بما يتيح تقديم المشروع التفاوضي الأميركي كخشبة خلاص لا يملك احد من القادة الإسرائيليين القدرة على رده .
رهان كيري تنامى مع الفشل الإسرائيلي في مراقبة عناصر قوة سوريا وإيران وحزب الله والفصائل الفلسطينية ومحاولة الدخول على خط التطورات أملا بإستثمار المتغيرات لتعديل التوازانت وفي كل مرة كانت إسرائيل تجد نفسها مجبرة على تجرع كأس العودة لمربع الإنتظار وليس بيدها قدرة على المبادرة .
أضاف كيري لسلة الأوراق التي يحفظها للحساب الإسرائيلي تطورات التفاوض الغربي مع إيران في ظل إنكشاف العجز الإسرائيلي عن الذهاب للحرب ضد إيران دون شراكة اميركية وإضطراها للإكتفاء بالضغط على واشنطن لعدم الدخول في التفاهمات مما كشف الضعف الإسرائيلي من جهة ودرجة إعتماد إسرائيل في حماية امنها المكشوف على أميركا .
فلسطيينا راهن كيري بالمقابل على تاثيرات الحرب على سوريا في وضع حركة حماس مقابل إغوائها بوصول الأخوان المسلمين إلى الحكم في أكثر من بلد عربي تحت المظلة الأميركية لتحييدها من خندق حلف المقاومة وبالتالي شل حركة هذا الحلف على التصدي لأي حل تفاوضي يفرط بحقوق الشعب الفلسطيني .
راقب كيري تطورات تموضع حماس بعد إزاحة الأخوان في مصر وتعقد حالتهم في كل من ليبيا وتونس واليمن وتركيا ومحاولات حماس التموضع في نقطة وسط بين خياريها المقاوم والأخواني وصعوبة إستعادتها ثقة حلف المقاومة بعد شعوره بالغدر والخذلان من موقفها إثر حرب غزة بإهداء نصرها للأخوان الحاكمين في مصر وقطر وتركيا وتسميتهم بحلف المقاومة الجديد وإستقرت قراءة كيري على معادلة الوهن الفلسطيني المطلق في ظل قناعته بأن السلطة الفلسطينية ستكون جاهزة لأي حل في هذا الواقع العربي المتهالك وأن النفوذ السعودي المطلق على قيادة السلطة ستكون ورقة الحسم لفرض القبول عليها بالحل الذي ينضجه كيري وان السبب المانع وفقا لرهان كيري بين السلطة والحل كان يتمثل بالخوف مما تقدر حماس على فعله لتعطيل الحلول ومع شل قدرة حماس تصير طريق كيري الفلسطينية سالكة بلا ألغام وحواجز ومطبات .
ها هي اللحظة الحاسمة تقترب ويختبر كيري رهانه بعد زيارة باراك اوباما للسعودية فيقع بالفشل فإسرائيل بعد حرب غزة الأخيرة تكتشف حجم قوة حركة الجهاد الإسلامي وحجم ما ينتظرها من جهة الجنوب وما لا تضبطه لا تسويات ولا تفاهمات وها هي تكتشف ان حلف المقاومة لا يزال قادرا على رسم قواعد الإشتباك وعبوات الجولان و مزارع شبعا تقول ان واقع الشرق والشمال يزداد قوة وان السلطة الفلسطينية التي راقبت مأزق حماس لم تذهب للحض الأميركي بل إلى ترميم العلاقة مع سوريا وإيران وحزب الله وان احد اسباب تعثر عودة حماس إلى هذا الحلف المقاوم هو وجود محمود عباس في مكانة مميزة لدى أركان هذا الحلف و يكتشف كيري أن المفاوض الإسرائيلي يزداد تعنتا في حالة الخوف والمفاوض الفلسطيني يزداد تصلبا وحذرا في لحظة إقتراب التوقيع .
هرب كيري لأنه فاشل فهل يستقيل ؟
2014-04-02 | عدد القراءات 2971