يتوزع المشهد العسكري في سوريا بين العاصمة والحدود وحمص وحلب لتتشكل أربعة محاور مواجهة بين الجيش ومجموعات المعارضة المسلحة ، و شهدت مرحلة ما بعد هجوم يبرود الذي حسم خلاله الجيش السيطرة على واحدة من أبرز النقاط الإستراتيجية في الحرب الدائرة حول سوريا حملة إعلامية منظمة ومبرمجة قادتها وسائل إعلام عربية وعالمية محورها إستردادا المعارضة المسلحة والتنظيمات التابعة للقاعدة لزمام المبادرة وتزامنت الحملة مع عودة الحديث عن إنعقاد جولة جديدة من مؤتمر جنيف .
كان الهجوم الشمالي المدعوم تركيا والهجوم الجنوبي المدعوم اردنيا مداخل الحملة الإعلامية التي روجت لإنقلاب الموازين و قد تمكنت مجموعات المعارضة من تنفيذ بعض العمليات في الجهة الجنوبية داخل مدينة درعا دون النجاح بإحداث أي تغيير في الميدان يخل بالتوازنات ويغير من طبيعتها بينما نجح هجوم الشمال بالسيطرة على مدينة كسب والصمود فيها والتوسع حولها لعدد من المواقع المحيطة وصولا لقصف بعض قرى الريف الشمالي للاذقية .
التدخل التركي العلني تجسد سياسيا بالكلام العالي السقوف الذي أطلقه رئيس الحكومة التركية في قلب المعركة الإنتخابية البلدية في تركيا وكان كلام اردوغان بمثابة إعلان مسؤولية عن العملية رغم تركيزه على إسقاط الطائرة السورية عبر إمتلائه باللغة العنجهية عن مستقبل سوريا كمن يدخل حربا لن تنتهي إلا بمنتصر ومهزوم .
مع مرور الأيام إتضحت محاور القتال على حقيقتها حيث تجمدت جبهة الجنوب و إسترد الجيش المبادرة في الشمال ففي الجنوب والشمال ابلغت الحكومة السورية جارتيها المتورطتين في الحرب أنها لا تريد حربا معهما لكنها لا تخشاها و أعدت بطاريات المدفعية والصواريخ لإستهداف نقاط التجمع التي تنطلق منها الهجمات داخل حدود البلدين فتوقف الأردنيون وتراجع الأتراك تدريجا وبدأ الهجوم المعاكس للجيش السوري شمالا وتم إسترداد أكثر من نصف المواقع التي سقطت بيد المسلحين المهاجمين والذين تبين أن أغلبهم من مجموعات النصرة وداعش ومن الشيشان والتتار وتشير المعلومات الواردة من الشمال إلى تقدم يومي يحققه الجيش السوري في مواقع القتال وصولا إلى مداخل مدينة كسب.
في ريف دمشق على محاور القلمون و الغوطتين تدور المعارك بقوة على جبهة المليحة وشبعا و أطرافهما وتعترف المعارضة بهزائم تلحق بمجموعاتها في هذه الجبهة كما سقطت فليطا بيد الجيش السوري في جبهة القلمون و تدور معارك ضارية على محاور جوبر فيما تصفة المعارضة بالهجوم المنظم وكل معارك ريف دمشق بما فيها من تسويات مع مجموعات مسلحة تسلم أسلحتها أو يقوم عناصرها بتسوية اوضاعهم تدلل على تقدم الجيش وإمساكه بقرار الميدان حتى تصاعد رمايات الهاون على العاصمة يعكس الحالة الصعبة لمجموعات المعارضة .
بين حرب الحدود وحرب العاصمة وتفوق الجيش المتتابع تسقط مقولة نجاح المعارضة بإسترداد زمام المبادرة لتحمل اخبار حمص من الوعر وجورة الشياح والرستن عن فتح جبهة حسم جديدة يبادر إليها الجيش كما تحمل أنباء حلب معلومات تؤكد هذا السياق حيث المعارك التي أسفرت عن إسترداد الجيش مواقع عديدة من أيدي المسلحين وأهمها كانت مؤخرا كتيبة الدفاع الجوي وحيث المعارك في أحياء المدينة خصوصا في الشيخ نجار والمدينة الصناعية تشير إلى الوضع الصعب الذي ينتظر مسلحي المعارضة في كل من حمص وحلب وإقتراب لحظة حاسمة تحمل المفاجآت كما هي مفاجأة رنكوس ومفاجأة جوبر .
حملة إعلامية مبرمجة للقول بتفوق المعارضة وعودة التوازن العسكري ما بعد يبرود رافقها الحديث عن عودة جنيف فهل يؤدي تبدد الحملة إلى التراجع في الحديث عن جنيف ؟
2014-04-06 | عدد القراءات 2833