إذا كانت الأحكام المسبقة قبل إنعقاد الجلسة الإنتخابية الأولى توصف بالفرضيات أو تتهم بالتسرع ، فإن إنتهاء الجلسة يسمح بالتعامل مع نتائجها بصورة تنطلق من الوقائع .
الغياب عن الجلسة لن يتغير إذا بقي دعم قوى الرابع عشر من آذار لترشيح سمير جعجع ، فالأسباب ليست مرتبطة بظروف شخصية مفاجئة للمتغيبين ، بل بإعتبارات تتصل إما بما يسمونه ظروفهم الأمنية أو تهربهم من منح تصويتهم لجعجع ، وهي أيا كانت باقية ما بقي جعجع مرشحا يحظى بموقف رسمي لقوى الرابع عشر من آذار داعم لترشيحه .
لن يتبدل أيضا موقف الأصوات الإحتجاجية على ترشيح جعجع من الأوراق التي إعتبرت ملغاة ومنحت أصواتها للشهداء ، الذين بدمائهم حوكم جعجع وصدرت بحقه أحكام الإعدام قبل ان تخرجه السياسة من السجن بقانون العفو .
لن تتبدل الأوراق البيضاء إلى الأدنى ولا الأصوات التي نالها المرشح هنري حلو نحو الأدنى أيضا ، فمن منح أحد هذين الخيارين صوته رفضا لمنح جعجع هذا الصوت لم يكن لديه رهان رئاسي يختبره وإكتشف غياب حظوظه ، كي يأمل جعجع بكسبه ، ويمكن القول بثقة أن مجموع الذين لم يعطوا جعجع غيابا أو بتسمية الشهداء او بالورقة البيضاء او بالتصويت للمرشح حلو ، هو مجموع قد يزيد لكنه لن ينقص .
في الدورة الثانية من الواضح أن ثمة تخلخل لا بد أن يصيب بعض النواب الذين صوتوا لجعجع ، إنطلاقا من معادلة إعتبارهم أن إبراء الذمة قد تم وأنهم أوفوا بمنح جعجع حظ الدورة الأولى ، وآنه آن الأوان ليخلي لهم أو لسواه الساحة ، ومن ضمن هؤلاء الأصوات الثمانية الموزعة بين حزب الكتائب ومرشحي الرابع عشر من آذار المستقلين روبير غانم وبطرس حرب وفؤاد السعد ، و قد يضاف إليهم بعض نواب تيار المستقبل الذين عبروا قبل الجلسة عن إعتبار ترشيح جعجع لدورة واحدة .
جعجع أعلن أنه باق كمرشح للدورات لاحقة و ليس فقط لدورة لاحقة ، وعلى تيار المستقبل أن يقرر هل سيطلب من جعجع الإنسحاب لحساب فرص التوافق على سائر مرشحي الرابع عشر من آذار في دورات إنتخابية لاحقة ، أم سيمنحه اصواته أم سيتركه يحصد خمسة أصوات في الدورة الثانية ، فيقع بالمحظور الذي كان يخشاه تصادميا يؤدي لإنفراط عقد التحالف ؟
كل خيار فيه مرارة وأحلا الخيارات مر فكيف سيتصرف تيار المستقبل الذي وزع وعوده يمينا ويسارا ، من العماد ميشال عون إلى الرئيس أمين الجميل وسائر المرشحين المستقلين ومنهم مرشح النائب جنبلاط هنري حلو ، و كذلك لمرشحي التوافق من خارج المجلس النيابي ؟
كلمة السر التي وزعها تيار المستقبل ، كانت نلتقي في الدورة الثانية أملا بإكتفاء جعجع من تصويت الدورة الأولى ، وهو لم يكتف فهل يجرؤ تيار المستقبل ؟
الواضح أن تيار المستقبل لن يجرؤ و سيسعى في الدورات اللاحقة للرهان على تطيير النصاب من قوى الثامن من آذار ، وهذا ما لن يحدث .
ما لم تصل كلمة سر مبكرة بتوافق دولي إقليمي على الرئيس الجديد ، سيراهن تيار المستقبل على البقاء مع جعجع حتى يتعب الخارج والداخل ، ويبدأ البحث بالبديل التوافقي بين خياري العماد عون و شخصية توافقية غير برلمانية كالنائب والزير السابق جان عبيد ، على أن يتولى هذا الخارج إقناع جعجع او الضغط عليه للإنسحاب او منح الغطاء لتيار المستقبل للقول كفى جعجعة نريد رئاسة .
2014-04-23 | عدد القراءات 2865