يزدحم جدول المنطقة بمجموعة إستحقاقات إنتخابية ، لا بد من إجادة قراءة معانيها لفهم السياق الذي ترتسم عبره خريطة المنطقة الجديدة .
إنتخابات تركية وسورية وعراقية ومصرية و لبنانية ، وربما بعد مسار المصالحة الأخير فلسطينية ، و بالتأكيد تركية و أوكرانية أيضا و قبلهما جزائرية وأفغانية ، وكلها في غضون أشهر قليلة تنتهي قبل دخول الخريف ، حيث يجب ان تكون الهندسة قد تمت لخريطة المنطقة ، قبل أن يباشر الأميركيون تنفيذ إنسحاباتهم من أفغانستان .
فائدة التدقيق تتحقق إذا إستطعنا ربط النتائج التي تبدو محسومة ، لنتوقع ما ليس محسوما منها ، وإتجاهات الريح المرتقبة من جراء ذلك .
في الجزائر فاز عبد العزيز بوتفليقة المحسوم تعبيره عن خيار الجيش الجزائري ، ومثل الجزائر تبدو مصر محسومة للفريق عبد الفتاح السيسي ، الذي يمثل برتبته ومكانته و مشروعه الجيش المصري .
هل يمكن الإستنتاج أنه زمن الجيوش من النموذجين المصري والجزائري ؟
لا يوجد تعبير أحادي عن زمن الجيوش ، ففي الجزائر حزب جبهة التحرير الوطنية هو المرجع السياسي للحكم ، لكن الجيش هو الطبقة السائدة وعصب الدولة و في هذا ربما إشارة لما سيجري في سوريا بين موقعي حزب البعث و الجيش ، لكن مع فارق الإعتراف المؤجل وربط النزاع حول شرعية الرئاسة المنتخبة التي تبدو محسومة أيضا للرئيس بشار الأسد ، لتكتمل سلسلة حلقات الجيوش .
مقابل سوريا سيكون ربط نزاع في اوكرانيا ، مما يعني إجراء الإنتخابات في موعدها ومجيئ رئيس موال للغرب مناهض لروسيا ، لا تعترف روسيا بإنتخابه و يؤدي إنتخابه لإشعال حرب أهلية تنتهي بتقسيم أوكرانيا ، فيما تستمر المواجهات في سوريا لحسم سيطرة الجيش على الجغرافيا السورية ، منعا للمقايضة بين حالتي سوريا وأوكرانيا ، وسيحظى الجيش السوري بكل الدعم اللازم من روسيا لهذا الغرض ، وهذا ما اكده وزير الدفاع الروسي بمنح الجيش السوري احدث ترسانات السلاح ، التي قال أنها لم تظهر للعلن بعد في عهدة اي من الجيوش في العالم .
تركيا والعراق و أفغانستان ساحات غموض ، يتقدمها فقط لبنان فهل نفهم لبنان منها أم نفهمها من لبنان ؟
في العراق يبدو نور المالكي وافر الحظ بلا منافس ، خصوصا كنقطة تقاطع في حربه مع القاعدة بين طهران وواشنطن ، رغم المساندة التي يقدمها لسوريا ، مما يعني ان أفغانستان تتجه نحو فوز عبدالله عبد الله الذي يتقدم على سائر المرشحين رغم الإستعداد لجولة إنتخابية ثانية ، وهو يلاقي الجولة الرئاسية بتصريح ذو مغزى عن نيته بناء أفضل العلاقات مع إيران .
إيران المحاطة بصديقين في افغانستان والعراق و المحتفلة بقوة حليفها السوري بشار الأسد ، هل يمكن ان تتعايش مع فوز جديد لأردوغان ، أم يبدأ عهد الجيوش في تركيا مجددا على حساب أردوغان عبر فوز مفاجئ بتشكيل الحكومة لحزب الشعب الجمهوري ؟
تركيا صديقة لسوريا و إيران تقول المعطيات انها مؤجلة للدورة المقبلة ، وان التوازن بين قواها المكونة للمشهد السياسي سيكون هشا في المرحلة الراهنة ، بغض النظر عن الفائز ، لتتولى تركيا القادمة رعاية المصالحة السورية مع الغرب بالتعاون مع جارتها إيران ، وبعد إسترداد مصر الجديدة لمصادر حضورها .
هل يعني هذا شيئا للبنان ؟
يعني مزيدا من الفراغ حتى خريف العام ، ليحسم للجيش مقعد الرئاسة بين قائده الحالي جان قهوجي ، أو أبوه الروحي ميشال عون ، لأن الرئاسة اللبنانية لست سنوات كان التمديد للرئيس سليمان موضع دراسة لتقطيع الوقت لسنتين ، لكن القوة التي تملك حق الفيتو في لبنان أي حزب الله حسمت الخيار سلبا .
فلسطينيا إذن رغم الصراخ الغربي ضد المصالحة ، تبدو مطلبا جامعا لإعادة إنتاج سلطة توازن مع الإسرائيلي لزمن أكثر نضجا لمفاوضات أكثر واقعية .
المؤجل الفلسطيني والواضح الإقليمي كله لصالح ترتيبات يشتد فيها ساعد إيران ، و يتركز فيه للجيوش دور حاسم ، يعني أن زمن التغيير في الخليج آت لا محالة ، وهو إستحقاق السنوات التي تلي هذا العام .
2014-04-24 | عدد القراءات 3786