نقطة تحول في تاريخ سوريا – مقدمة نشرة أخبار توب نيوز – 7-5-2014 ناصر قنديل

 

سيسجل التاريخ هذا اليوم كواحد من الأيام المشهودة في  تاريخ سوريا ، فمع بدء التفيذ العملاني لتفاهمات حمص وخروج دفعات المسلحين إلى ريفها الشمالي ، يحدث شيئ أكبر من حجم ما يعرفه المعنيون مباشرة بالعملية .

هذه حمص وهذا إنسحاب يشبهه صحافيون غربيون منعوا من التغطية ، بالإنسحاب الشهير لقوافل المقاومة الفلسطينية من بيروت عام 1982 ، مع فوارق الجهة التي ترحل والجهة التي تستلم الأرض منها ، فهناك مقاومة تهزم وهنا ثورة وهمية تتبخر ، وهناك إحتلال يفرض شروطه وهنا  جيش وشعب يستردان سيادة بلدهما من أيد عابثة ، شرعت سوريا على رياح الأرض الأربعة لكل متطرفي القاعدة ورجال مخابرات العرب  والغرب ، والدولة السورية المنتصرة منعت الإعلام إحتراما للتفاهم الذي إشترط المسلحون فيه عدم تغطية إنسحابهم من حمص إعلاميا ، لما فيه من معان تكفي الصورة لقولها ، وحرصا إضافيا على قرار المئات من المسلحين السوريين عدم الظهور في الصورة ، لأنهم إختاروا تسوية أوضاعهم مع دولتهم وجيشها وامنها .

هذه حمص التي إختارها من خطط للحرب  على سوريا ، لتكون عاصمة الإنقلاب فإتسعد فيها بما يكفي مستفيدا من كل ميزاتها الجغرافية والديمغرافية والعقارية و الإقتصادية والإجتنماعية ، ففي حمص وريفها أهم الأحياء القديمة لقتال حرب العصابات ، وشبكات انفاق رومانية قديمة ، وشبكات أنفاق بنيت بصورة رسمية تحت مبررات عمرانية لم يعرف بعد ما إذا كانت من يومها جزءا من الخطة المرسومة للحرب ، وفي حمص تواصل بعشوائيات نشأت من الهاربين  من القانون والمطلوبين للعدالة ، ومقر أكبر  مهربي العالم بين أحياء المدينة وريفها ، ويمتد مدى حركة العشوائيات كملجأ للمطلوبين من أجياء حمص القديمة إلى الدار الكبيرة و تلبيبسية وصولا للرستن وريف إدلب ، وحدود حمص الشرقية صحراء غير قابلة للضبط ومتنها خطوط الحدود التي مر منها وإليها المسلحون والسلاح من وإلى العراق ، وعلى معابر هذه الحدود أقام الفساد اخطر خطوط التهريب المشرعنة للسلاح ، وفي ريفها الغربي و الجنوبي الغربي تواصل غير قابل للضبط ايضا مع لبنان ، من بحيرات و سهول وبساتين وقرى متداخلة منها القصير ومنها تل كلخ ومنها زارة وصولا لقلعة الحصن ، وفي حمص مصفاة النفط وتقاطع خطوطه نحو بانياس على البحر المتوسط ، ومنها وفيها تلاوين ديمغرافية تسمح بتفجير الفتن المذهبية والعرقية منها ، ففيها شيعة وعلويين وسنة ومسيحين وعرب واكراد وتركمان .

حمص كانت كما أسموها عاصمة الثورة ، ومنها كان يجب أن تسقط دمشق ومنها كان يجب قطع الوصل بين دمشق والساحل ، ومن ريفها إتمام الحصار على حلب بقطع الوصل مع خزانات إمداد الجيش في حماة عبر طريق السلمية الصحراوي ، ومنها ايضا يقطع التواصل عبر صحراء تدمر مع دير الزور والمحافظات الشرقية كلها .

حمص كانت أول  غيث التحولات الكبرى مرتين ، الأولى بهجوم الجيش وإسترداداه بابا عمرو قبل سنتين ، وبعدها بإسترداد القصير كان التحول الثاني الكبير ، لكنها اليوم ترسم مسارا وتشكل نقطة التحول الأبرز .

في حمص وحدها يمكن التحدث عن حرب سورية سورية ، فالأجانب بين المسلحين ليسوا عنوانا ، وليست الحرب فيها عنوانا لحرب إقلميية حدودية ، كحال رمزية حرب  حلب بالمواجهة مع الأتراك ، ومواجهات درعا بشبهة التدخل الأردني ، أو القنيطرة وإشارات اليد الإسرائيلية .

من حمص عاصمة ما سمي يوما بالثورة السورية ، تنتهي الحرب ببعدها السوري السوري ويبقى منها ابعاد أخرى ، هي كناية عن حرب  تركية سورية على الحدود الشمالية ، وحرب سورية مع السعودية وإسرائيل على الحدود الجنوبية .

سيكتب التاريخ أنه في السابع من ايار 2014 وبعد ثلاث سنوات بالتماما والكمال ، أعلنت حمص عكس الوعد قبل ثلاث سنين يومها أعلنت الحرب الأهلية واليوم تعلن نهايتها .

2014-05-07 | عدد القراءات 3555