من كان يتابع البعد الإقليمي للإنتخابات العراقية يعلم ان مشاريع سعودية للمقايضة كانت تنتظر نتائج الإنتخابات العراقية ، لإستكشاف وجود فرصة لمبادلة رئاسة نور المالكي للحكومة العراقية بشخصية وسطية بين إيران والسعودية ولو شكلا ، وتمنح الرياض فرصة إدعاء تحسين وضعها العراقي ، لتعرض بالمقابل معادلات جديدة للبنان واليمن و البحرين وربما أماكن أخرى ، وكل شيئ هنا ينطلق من أن هزيمة المالكي هي نصر سعودي مهما كانت التسميات والتخريجات .
ما هو معيار هزيمة المالكي وبالتاي معيار نصره ؟
المعيار هو أن يمنع المالكي أو أن يفوز بنيل ثلث أعضاء المجلس النيابي ، فالمالكي المعزز بكتلة وتحالفات صلبة تجمع الثلث المعطل المتمثل بمئة وعشرة نواب ، يصير مستحيلا تشكيل حكومة بدونه ويبقى يصرف الأعمال كرئيس للحكومة ، فالمجلس النيابي العراقي يتكون من ثلاثماية وثمانية وعشرين نائبا ، والدستور العراقي يشترط لتشكيل أي حكومة عراقية نيلها أصوات ثلثي أعضاء مجلس النواب ، ويسمح الدستور لرئيس الحكومة الحالي بمواصلة تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة ، من قبل اي رئيس مكلف دون تحديد مهلة ، لذلك كل شيئ كان بإنتظار نتائج الإنتخابات العراقية ، ومع ظهورها أمس حسم كل شيئ ايضا .
إتضح أن الفوز الساحق للرئيس نور المالكي يقطع الطريق على التفكير بطلب المقايضات أو عرضها ، بعدما حاز على ثلاثة اضعاف ما حصل عليه اول منافسيه ، و حاز وحده على أكثر من نصف مقاعد الشيعة الذين سيسمى من بينهم رئيس الوزراء ، و إذا اضاف تحالفاته مع الفضيلة وابراهيم الجعفري وبعض المستقلين يصل الى تجميع ثلثي المقاعد التي تقودها المكونات الشيعية ، ويصير مستحيلا أن يتصدى احد لمنافسته ويصير كل البحث محصورا في شكل حكومة المالكي الجديدة هذا من جهة ، ومن جهة مقابلة فكتلة المالكي الصافية من ثلاثة وتسعين نائبا تصير مئة وسبعة عشر إذا أضيف إليها نواب الفضيلة والدعوة ومستقلو محافظة النجف الذي يشكلون حلفاء موثوقين للمالكي ، بما يجعله من جهة المرشح الأول لرئاسة الحكومة موضوعيا وسياسيا ونيابيا ودستوريا ، ويجعله من جهة مقابلة الرئيس المكلف بتصريف الأعمال حتى تتبلور تشكيلة تضمن ثلثي النواب تحت رئاسته ، وبكل الأحوال ولو تمت تسمية سواه لمهمة رئاسة الحكومة وهو الأمر المستبعد ، فالمالكي سيبقى رئيسا للحكومة يصرف الأعمال حتى تؤول إليه رئاستها مجددا ويشكل حكومة يدعمها ثلثا النواب .
السعودية تواجه هذه المعادلة الجديدة وتفهمها وتعرفها ، وبعدما خسرت فرصة الدعوة لمقايضتها بالموقف من سوريا مقابل ما يمكن أن تقدمه في لبنان أو سواه ، وأسقط بيدها يسقط بيدها مجددا الرهان على المقايضة العراقية ، ويبقى عليها الإقرار أنها ليست على ضفة الرابحين لتقايض ربحا في مكان بخسارة في مكان ، بل عليها الإنصراف لتجميل خسائرها والتموضع على ضفة السياسة بدلا من ضفة الإنكار ، التي تفسر وحدها إستمرار النزيف السوري العبثي رغم أن لآ أمل يرتجى من مواصلة الحرب .
2014-05-20 | عدد القراءات 3269