خلال شهرين ماضيين تزامن حدثان كبيران ، لا يزالان يحكمان المنطقة ، وتمكنا لقوة تأثيرهما من حجب الإهتمام عن أكبر حدث شغل المنطقة والعالم خلال سنوات ، وهو الحرب على وفي وحول سوريا .
الحدثان هما ، الظهور المفاجئ والمدوي لدولة داعش في كل من العراق وسوريا ، والشكل الدراماتيكي لسيطرتها على ثلث الجغرافيا العراقية دون قتال تقريبا ، والحرب الإسرائيلية المفاجئة على غزة ، من حيث غياب مقدمات كافية لتفسير وقوعها ، وفقا لتسلسل الأحداث التي سبقتها والتي يفترض أن تفسر حدوثها .
لم تكن قوة داعش ولا تعداد مقاتليها ولا الإمكانات التي توفرت لها عشية ولادة دولة الخلافة ، تقارن بما لدى داعش اليوم ، بل يمكن القول أن النصر الذي وهبه أحد ما لداعش هو الذي أهلًها ، بما أتاحه من غنائم سلاح ومال ، ومن إمتلاك فرص لتطويع الرجال و إستقدام المقاتلين ، و تأثير الإبهار الذي أنتجته هذه السيطرة المتدحرجة وما رافقها من تدحرج للرؤوس ، في إسقاط ما تلاها من مواقع أمام مقاتلي داعش، وفي إستقطاب المقاتلين من المنطقة التي دخلتها قوات داعش، أو من الذين جاؤوا من أنحاء الدنيا للإلتحاق بدولة الخليفة أبي بكر البغدادي .
من أهدى داعش نصرها الذي غير وجه المنطقة وماذا يريد ؟
في ذات التوقيت كان أكراد العراق يعلنون الرغبة بالإنفصال وإقامة دولتهم المستقلة ، ويحدد زعيمهم مسعود البرزاني موعدا للإستفتاء على الإنفصال، و يلتقي وزير الخارجية الأميركية جون كيري ، ويعلن أنه قام بمفاتحته بالخيار الإستراتيجي الجديد للأكراد ، بإعتبار دولة العراق الموحد قد إنتهت إلى غير رجعة .
من ورط الأكراد بهذا القرار ، الذي لم يجد غير بنيامين نتنياهو يؤيده ، بينما أنتج قلقا تركيا وسعوديا من ولادة دولة كردية في شرق تركيا ، ودولة شيعية في شرق السعودية ؟
بالتزامن كانت إسرائيل تذهب إلى حربها على غزة خارج حسابات المنطق ، وبذريعة مقتل ثلاثة مستوطنين في الضفة الغربية ، وتضع سقفا لحربها محوره الرهان على تغييرات سياسية وعسكرية على الضفتين الفلسطينية والإسرائيلية ، تسمح بتوقع تحقيقإنتصار يعيد تظهير قدرة الردع الإسرائيلية ، ويفرض إسرائيل لاعبا إقليميا قويا وفاعلا لا يمكن تجاهله او ترتيب المنطقة بدونه .
من أقنع إسرائيل بفاعلية القبة الحديدية في منع تساقط الصواريخ ، وبمحدودية مخزون المقاومة من هذه الصواريخ كما ونوعا ، وبجهوزية مصر للدخول شريكا في الحرب على غزة ، بإعتبارها حربا على حماس وما تمثله في بنية الأخوان المسلمين ؟
داعش على أبواب أربيل ، والتفاهم على رئاسة جمهورية ورئاسة برلمان ورئاسة حكومة في العراق بالتزامن ، و رئيس الحكومة العراقي السابق نور المالكي يتنحى للمرشح لتشكيل الحكومة الدكتور حيدر عبادي ، بمباركة دولية وإقليمية وعراقية جامعة .
مصر تقود التفاوض للخروج من الحرب على غزة ، بحل يسمح لطرفيها بوقف النار ، والحل لا يمكن إلا أن يكون على حساب إسرائيل ، كما الحل في العراق لا يمكن أن يكون إلا على حساب داعش، بعدما دفع الأكراد من سمعة البشمركة والحماية الأميركية لهم ، ما يكفي كثمن للتسرع .
بالتزامن ذهبوا ثلاثتهم إلى حروب إعلان دولة يهودية ودولة كردية ودولة سنية وبالتزامن يعلقون في وسطها ، وبالتزامن يقعون تحت سكين الحاجة أو الخوف من الدور الأميركي ، وأي تغيير للأمام سيكون على حسابهم .
بالتزامن يتقدم التفاهم الأميركي الإيراني ، ويقترب إعلان الإتفاق النهائي على الملف النووي بين إيران ودول الغرب .
لا يحتاج المرء لكثير من التحليل كي يكتشف ، أن من أصعد الحمار إلى المئذنة يقوم بإنزاله ، بعدما إستعمل نهيقه كفاية ، وقال الناس آتونا بالمؤذن فقد حان وقت الصلاة .
الصلاة هنا هي مائدة التفاوض لللاعبين الكبار في المنطقة ، حيث يتربص الأسد وحيث لا فرصة لترصيد الحسابات ن دون إقامة حساب لمكانته كلاعب حاسم في ملفات إسرائيل وداعشو الأكراد .
2014-08-20 | عدد القراءات 5146