يصر الرئيس باراك أوباما على إعتبار الحرب على داعش حرب بلاده وحكومته ، لمجرد أن العراق صار مستهدفا ، فهناك إنجاز أمريكي ومربط خيل أمريكية ومنابع نفط يسيل لها اللعاب الأميركي ، وزاد الطين بلة يوم إستشعر الرئيس الأميركي من قادة جيوشه ومخابراته ، ان ما سجل كإنجاز للحرب على العراق ببناء أهم قاعدة تجسس وعمليات في أربيل تحميها وحدات من مقاتلي البشمركة الأشداء ، يكاد ينهار .
الرئيس الأميركي يطلق التصريحات المرتبكة والمتناقضة ، فهو مرة يقول أن داعش سرطان ستقوم إدارته بإستئصاله وليس بمعالجته بالكيمايئي ، أو بالأشعة ، والإستئصال بالعرف الجراحي وكذلك العسكري يعني دخول قوات أميركية برية إلى الميدان العراقي حيث داعش والإنخراط بالحرب مباشرة ، بينما قرار أوباما هو لا تورط بالحرب مرة اخرى في العراق ، ومرة يقول سنضرب داعش حيثما كان ، ثم تكتفي قواته الجوية بإستهداف قشرة إنتشار داعش لإبعاد الخطر عن أربيل ، وتفادي إستدراج ضربات داعشية داخل أميركا إذا إستهدفت الطائرات الأميركية عمق مناطق داعش .
من الزاوية العملياتية قرار واشنطن تفادي تبعات الحرب الجدية المباشرة مع داعش ، ومن الزاوية السياسية تعلم واشنطن إستحالة الدخول المباشر في العراق بقوات برية ، دون موافقة إيرانية يصعب توافرها ، كما تعلم إستحالة ضرب داعش في كل مكان ، اي في سوريا ايضا حيث يمنع عليها الدخول ، أو على الأقل تحتاج تنسيقا مسبقا يجنبها إستهداف طائراتها من الدفاعات السورية ، وهي لا تزال تتفادى مثل هذا التنسيق .
كيف سيستأصل أوباما داعش من جهة ، وهو لا يملك الآليات العملية والسياسية لذلك ، وكيف سيصدقه الناس ، وهو القائل من جهة اخرى انه طلب وضع خطط طويلة الأمد لقتال داعش ، مبشرا بطول بقاء هذا المخولق العجيب لدولة الخلافة ؟
الإرتباك الأميركي ناجم عن محاولة بناء طريق ثالث مستحيل ، غير طريقي التحالف الكامل مع احد فريقي الحرب في المنطقة ، الدولة السورية من جهة أوداعش من الجهة الأخرى ، فواشنطن عاجزة عن إعلان إنتقالها للتحالف مع سوريا ، وعاجزة عن مواصلة تحالفها مع داعش .
سقط الرهان على الإحتواء المزدوج لداعش ، بإستخدام الأذى المطلوب لسوريا دون إلحاق الأذى بالمصالح الأميركية ، ولا مكان للتذاكي بإدعاء الحرب على سوريا وداعش معا ، طالما بالحرب المشتركة مع داعش ضد سوريا فشلت واشنطن وداعش معها ، فكيف ستنتصر على سوريا وداعش معا ؟
تتهرب واشنطن من حقيقة ، أن ثمة وصفة واحدة لم تجربها بعد ، وهي أن تنتصر على داعش ويدها بيد سوريا ، ولا تزال العقبة نقص الشجاعة وليس غياب الحقيقة أو غموضها .
ستجرب واشنطن وتضيع وقتا ، كالذي قال عنه أوباما نفسه لبلوغ هدف وصفه هو بالفانتازيا ، بالرهان على معارضة سورية تقاتل الدولة السورية ومستقلة عن تشكيلات القاعدة وقادرة بدعم الغرب والعرب ، على مقاتلة الطرفين معا .
ثلاث سنوات ومال كثير وجهود كثيرة ضاعت في الفانتازيا الأولى ،فكم سيضيع أوباما في الفانتازيا الثانية قبل أن يعترف ؟ن تنتصر على داعش
2014-08-21 | عدد القراءات 4712