إنعقاد مجلس الأمن لمناقشة الوضع في اليمن ، وصدور بيان رئاسي عنه يطالب الحوثيين بمغادرة صنعاء وشوارعها ، والإنسحاب من مدينة عمران القريبة من صنعاء ، يشكل محاولة لرد الإعتبار لحكم عبدو هادي منصور ، والحل الذي رعته السعودية للأزمة اليمنية ، والذي إنتهى بتنحي الرئيس السابق علي عبد الله صالح .
قد يظن البعض أن صدور البيان الرئاسي بما يفترضه من إجماع ، يمكن أن يكون رسالة دولية شديدة اللهجة ، تملك مفاعيل تنفيذية ، بينما هو في الواقع مجرد بيان سياسي تنحصر أهميته بالحالة التي تكون فيه الجهة االطالبة بتنفيذ مضمونه دولة ، تملك علاقات ديبلوماسية وحضورا في المنظمات الدولية ، تخشى أن يؤدي تمنعها إلى السير بتصعيد لاحق عن المجلس ، خصوصا ما يؤشر إليه البيان الرئاسي من تشارك يضم الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن ، اي بلغة مباشر تفاهم أميركي روسي لا يمكن أن يصدر البيان بدونه .
الموقف السياسي الدولي المساند للتسوية التي رعتها السعودية ، لا يملك قوة تنفيذية ولا إجراءات تؤثر على القوى الممسكة بالشارع اليمني ، والتي تشكل سلطة منصور هادي أضعفها ، فمنذ التسوية السعودية تقدم نفوذ القاعدة من جهة ، والحراك الجنوبي من جهة ثانية ، والتيار الحوثي من جهة ثالثة ، وبتحالف الحوثيين مع قوى الجنوب إنضم إليهما حزب المؤتمر الشعبي ، الذي يتزعمه علي عبد الله صالح .
الموقف الروسي ينسحب ويسهل القرار بإصدار البيان ، ويقول عمليا إذا كان برأيكم الأمر أمر بيان رئاسي فخذوه وأرونا كيف يحل الأمر في اليمن .
ها هم قد حصلوا على البيان الرئاسي و تبلغ الحوثيون عبر وسائل الإعلام مضمونه ، ولا زالوا في شوارع العاصمة صنعاء ، ولن ينسحبوا منها ومعهم أغلبية الشعب اليمني ، على خلفيتين لم ينجح كل التحريض الطائفي والفئوي والتخويني بتلافي تأثيرها ، فاليمن يريد حكومة جامعة تعكس موازين القوى الشعبية الحقيقية بين قواه السياسية ، وليس حكومة يشكل رضى السعودية معيار تشكيلها ، ويريد اليمنيون إلغاء القرارات الإقتصادية المجحفة التي طالت أسعار المحروقات ، لأن السعودية لا تريد تحمل نفقات تمويل نفوذها في اليمن ، بل تدفع فقط للمحاسيب والإستزلام وشراء الذمم والضمائر .
اليمن في حالة ثورة ولا حل إلا بالإحتكام للتفاوض ، وصولا لحكومة يمنية جديدة يشارك فيها الحوثيون والحراك الجنوبي والمؤتمر الشعبي ، بنصف الوزراء ورئيس الحكومة ، طالما الفريق الحاكم يملك رئاسة الجمهورية وسيملك النصف الثاني من الحكومة .
2014-08-30 | عدد القراءات 2155