ما كشفت عنه المعلومات المتداولة حول الإجتماع الذي عقد بين عدد من كبار القضاة اللبنانيين ووزير العدل أشرف ريفي أمس يعبر عن واحدة من أهم أوراق التفاوض بيد الحكومة اللبنانية .
لقد سبق وإستخدم مسلحو داعش والنصرة سلاح ذبح المخطوفين العسكريين والمدنيين أو التهديد بذلك كورقة ضاغطة على اعصاب اللبنانيين ودب الذعر في نفوسهم بمشاهد الفيديو المصورة لعمليات الذبح عموما وخصوصا فيديو ذبح العسكري علي السيد .
تلقف بعض الحكومة اللبنانية هذا الذعر لتبرير التفاوض من موقع القبول الضمني بتقديم الإفراج عن رموز القاعدة الموقوفين لدى الدولة وبينهم قادة متهمون بإرتكاب جرائم خطيرة بحق الدولة والشعب في لبنان ويشكل الإفراج عنهم بداية لسلسة جديدة من الموت الذي عرفته مناطق لبنانية بواسطة الإنتحاريين والسيارات المفخخة .
الفريق الحكومي المتحمس للتفاوض هو نفس الفريق الممسك تاريخيا بوزارة العدل وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والنيابة العامة التمييزية و مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية قبل ان يتولى نصير لهم رئاسة هذه المحكمة وهؤلاء هم المعنيون منذ البداية بما يسمى قضية الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية الذين تخاض تحركات عديدة تحت شعار المطالبة بتسريع محاكماتهم ليصير السؤال المشروع لماذا لم يسرع تيار المستقبل المحاكمات وهو المتسفيد شعبيا من حلحلة هذه العقدة وإنهائها .
الجواب هو في الوقائع العملية فمنذ عملية الإفراج عن موقوفي الضنية بالتزامن مع الإفراج عن سمير جعجع بموجب قانون العفو يراهن تيار المستقبل على منح هؤلاء فرصا للإفراج بدل المحاكمة و الإفراج الذي لن تأتيه فرص عفو كحالة موقوفي الضنية يستدعي عمليات تبادل بمخطوفين .
تيار المستقبل كان مستعدا لخوض التفاوض للمبادلة لأنها خطته ، و الطريق هو مشاهد الدم الفوار والرعب المتسرب بسببها إلى النفوس للتغطية على حجم الصفقة المقترحة ونوعية المفرج عنهم .
إرتبكت المفاوضات بعد تهديد حزب الله بفرط الحكومة والخروج منها مع حلفائه إذا قبلت شروط داعش والنصرة ، والملفت أن التفاوض يجري بواسطة أشخاص مقربين من تيار المستقبل ويمنحون صفة وسطاء مثل أبو طاقية وهيئة العلماء المسلمين .
صارت الخطة تحميل حزب الله مسؤولية حياة العسكريين لتعطيله الصفقة ، حتى جاء الإجتماع القضائي بوزير العدل وتساءل أحد القضاة أمام الوزير لماذا ترتبكون أمام إبتزاز المسلحين وبين أيديكم ستين حكم بالإعدام على أبرز مجرميهم و إذا خصص فريق كاف من القضاة والكتاب والإداريين اللازمين لتسريع المحاكمات سيكون كما تقول القرارات الإتهامية بين أيدكم مئات أحكام الإعدام ، فلماذا لا تتخذون قرار بتنفيذ الأحكام الستين أنتم وتفاوضون على تحويلها إلى سجن مؤبد وهو أمر سياسي وفقا للقانون الذي يجيز لرئيس الجمهورية عدم الموافقة على تنفيذ حكم الإعدام بقرار منه يشبه حقه منح العفو الخاص ، ومجلس الوزراء مجتمعا يملك هذه الصلاحية بغياب الرئيس ما يعني تحديد شروط قوية للتفاوض وإمتلاك مهابة التفاوض وشروطه تحت القانون وحفظ السيادة وبالمقابل تملكون إبلاغ المسلحين أن أي مساس بحياة أي عسكري سيجعل تنفيذ هذه الأحكام أمرا حتميا ؟
لم يجب الوزير على السؤال لكن خطة الإبتزاز بمشاهد الذبح قد سقطت .
2014-09-06 | عدد القراءات 2268