يتصرف الأميركي مع معادلة الحرب على داعش تصرف المرتاح إلى وضعه فهو ليس مستعجلا قبل تفاقم الحالة أولا ، وهو يظن قدرة التحكم بشروط النمو وشروط المواجهة ثانيا ، و واثق من قدرة الإستغناء عن حلفاء اعداء لا يمكن إعتبار جبهة الحرب على داعش ذات قيمة بدونهم ثالثا .
يهتم الأميركيون بأمور المواجهة ببطء ، فمؤتمر قمة على مستوى الأطلسي لم يخرج بشيئ ذي قيمة ، والتحدث عن مشاركة روسيا وإيران ترافقه شروط متعالية ، ورفض مطلق لكل علاقة مع سوريا وحزب الله .
إما أن الأميركي لا يريد الحرب و هو بالتالي يدير حركة داعش ، وما جرى من مواجهات هو مسرحيات منسقة ، أو أن الأميركي يعتبر خطر داعش تحت السيطرة وهو واثق من قدرته على التحكم بالزمن والمسارات والشروط ، ويضمن النصر في يده ، ولا يريد بالتالي شراكة إلا من يريد توظيف النصر لحسابهم من حلفائه ، ولا يرتضي الظهور على مسرح الحلف الذي يحقق هذا النصر إلا له ولحلفائه كي يقطف ثماره تعزيزا لمكانته بوجه خصومه وخصومهم .
الأكيد أن داعش ومن قبلها القاعدة الأم وسائر المفردات من ذات الفصيلة لم تكن بقياداتها السابقة ولا اللاحقة بعيدة عن صناعة المخابرات الأميركية ، والأكيد أن الوظيفة التخريبية للمجتمعات والتدميرية للدول والكيانات والجيوش لا تنفصل عن الأهداف الأميركية ، لكن الأكيد أيضا أن هذه المهمة تستدعي بناء أجيال من العقائديين المتحمسين حتى الموت ، وهؤلاء يصعب جعلهم تحت السيطرة ، ويصعب ترتيب المهمات لهم على جدول الأعمال الأميركي وإلزامهم بالتقيد الصارم بممنوعاته وإحترام محمياته .
الأكيد أيضا أن الضبط والسيطرة على حركة هذا النوع من المنتجات الجرثومية ، لا يتمان بغير الحرب عليها ، و إعادة تحجيمها ، لأن شروط تكاثرها وعودتها للحياة موجودة وكامنة وستفرخ دائما متى وجدت بيئة حاضنة ، و دعما ومن يشغل الجيل القيادي الجديد منها ، لذلك تقوم إستراتيجية التشغيل على الزرع والتنمية والإحتضان ، فالإجتثاث ، وهذه اللحظة تبدو حكمية ، لكون البيئة الإجتماعية إذا تركت لنمو هذه الكائنات ستجعلها قوة عملاقة يصعب ضبطها ، وتستحيل السيطرة عليها متى تخطت مرحلة النمو الأولى .
مشكلة واشنطن ليست بقرار الحرب بل بفاتورة وكلفة تنفيذ هذا القرار ، الذي يبدو مرتبطا بتنازلات جوهرية تجاه إيران وروسيا وسوريا وحزب الله ، وهذا ما لا تريده ولا يريده حلفاؤها ويعرفون معا أنه وداعش خطر متساو .
التصرف المغرور عادة صحراوية أمام الوحوش ، بعدم إظهار الخوف كي لا يتسقوي الوحش على البدوي إذا ما لاحظ إرتباك خطواته ، وعادة للاعب البوكر والكاوبوي لإظهار الثقة العالية بالنفس أملا بهزيمة الخصم وتنازله بسبب الحرب النفسية .
تلاقي قيم صحراوية وقيم البوكر و الكاوبوي ، يجعل السعودي والأميركي يراهنان على إظهار القوة والإستغناء ، طريقا ممكنا لإخضاع خصومهم لشروط التعاون في وجه الخطر "الداعش" .
2014-09-08 | عدد القراءات 2844