سادت الكثير من التحليلات الوسط الصحافي والسياسي والديبلوماسي ، بصدد الأزمة التي عصفت بدول الخليج تحت عنوان الأزمة التي إجتاحت العلاقات السعودية القطرية ، خلال عقدين من الزمان وإنفجرت قبل أشهر .
ليس بعيدا عن متناول الجميع سر الخلاف ، بتطاول قطر على دور الشقيق الخليجي الأكبر الذي يدير السياسية والمال بين شركائه الصغار، بمن فيهم من هو أكبر من الإمارة التي لا يتعدى عدد سكانها ربع مليون نسمة .
منذ إنشائها لقناة الجزيرة ، بدا تمادي قطر على هيئة مشروع مدروس وليس مجرد نزوة يبررها المال الوافر وطموح أمير ، ثم جاء الربيع العربي وظهرت قطر زعيما لبلاد عربية لا تشكل الإمارة أكثر من حي من أحياء عاصمتها ، كما هو حال حي شبرا في القاهرة الذي يعد وحده ثلاثة ملايين يعني دزينة من قطر .
في قلب الأزمة السورية ظهرت قطر إمارة تدير كل السياسات الأميركية في المنطقة بالوكالة ، وترسم توازنات القوى في المنطقة ضمن الحلفاء وتضع الممنوعات على الخصوم في قواعد التفاوض .
صارت قطر لاعب اساسي حتى بدأ الفشل في المشروع من مصر ووصولا لتونس وليبيا ، و دخلت السعودية ترعى الفشل القطري وتسرع مفاعيله ، لإعادة الصبي المشاغب إلى حجمه الحقيقي ، فتبنت حركة الشارع المصري وتفاعل جيشه وقدمت المال اللازم لذلك ، ووظفت علاقاتها الدولية لتسويق الجنرال عبد الفتاح السيسي .
أصيب المشروع الأخواني بهزيمة في سورية و تراجع في عموم المنطقة ، وتتالت الصفعات فرحل الأمير الكبير وجاء الأمير الصغير لدور قطري متواضع ، يناسب حجم الإمارة وتحت إبط الشقيق السعودي الأكبر.
لم تنضبط قطر لأن بيدها أوراق كثيرة للإستعمال ، من علاقتها بحركة حماس ذات الجذور الأخوانية ، إلى علاقتها بتركيا وصولا لإمساكها المبكر بجبهة النصرة ، التي تقاتل في سوريا ولبنان ، وإمساك شريكها التركي بتنظيم داعش الذي صار يشكل عنوانا لأحداث المنطقة وربما العالم .
من يمكن أن يكون البديل للعلاقة بالدولة السورية في المواجهة مع داعش ، على ضفة المعارضة السورية سوى جبهة النصرة ، طالما ان المعارضة التي يسميها الأميركيون بالمعتدلة ، تبخر آخر ألويتها بإبادة لواء أحرار الشام في ريف إدلب ، وطالما ان البديل السعودي الذي تمثله الجبهة الإسلامة بقيادة زهران علوش ، يعيش ظرفا صعبا ومصيريا في معارك جوبر ودوما في ريف دمشق ؟
النصرة مقبولة إسرائيليا ، والنصرة فاعلة على الحدود اللبنانية السورية ، وفي جنوب سوريا ، و قطر جاهزة لوضعها في جدول اعمال الحلف الذي تتطلع السعودية لقيادته وتقديمه في خدمة الأميركي ، ضمن حرب تحجيم داعش وإدارة حربها التي يتولاها التركي حليف قطر ، بإمساك سوق النفط والممرات الآمنة عبر الحدود التركية مع سوريا والعراق .
تم التفاهم بين قطر والسعودية على إبعاد قادة الأخوان المسلمين من الدوحة حبيا وبدأوا يغاردون إلى ماليزيا و أندونيسيا ، و قامت السعودية بالإيعاز لجماعتها في الحكومة اللبنانية برئاسة تمام سلام وعضوية نهاد المشنوق بالتوجه للدوحة ، وجرى قبول تكليف اللواء عباس إبراهيم بمهمة التفاوض ، لأن أكثر من نصف التفاوض سيجري مع سوريا حول الممرات الآمنة لإنسحاب مسلحي داعش نحو إمارتهم في الشمال ، ومسلحي النصرة نحو جبهتهم في الجنوب من الجيب العرسالي المحاصر .
2014-09-15 | عدد القراءات 3382