بعد شهر على بدء الكلام الأميركي عن الحرب على داعش ، وإنشاء تحالف دولي كبير لقتالها ضمن خطة طويلة الأمد ، يصير السؤال الطبيعي عن مصير هذا الحلف وهذه الحرب ، خصوصا أن درجة الإستنفار الأميركية بدأت من أعلى المستويات ، عندما يصير عدد أحاديث الرئيس باراك أوباما عن حرب على داعش ثلاثة وأربعين حديثا احصتها الصحف الأميركية ، بمعدل حديث وثلاثة أرباع الحديث في اليوم ، وصولا لكتاب الأعمدة الصحافية المكرسين لقرع طبول الحرب .
أين صارت الحرب واين صار الحلف ؟
قبل الإعلان والترويج ، كان الطيران الأميركي قد بدأ بشهر من الإغارات المنظمة على خطوط تقدم مقاتلي الإمارة نحو أربيل و سامراء ، وبعد شهر ثان حافل بالتهديدات والحديث عن خطط وأحلاف و زيارات وتحضيرات ، تراجع القصف ميدانيا بسبب تراجع داعش عن خطط التوسع ، وبدا بوضوح أن القصف يرتبط بهذا التمدد الداعشي ومنعه وليس بخطة لإنهاء الإمارة .
البيانات السياسية والإجتماعات المتتالية لتشكيل حلف الحرب الطويلة الأمد تقول ثلاثة اشياء :
طبعا إلى جانب كل ذلك المأوى والملاذ الآمن لعائلات الآلاف من الدواعش في تركيا تتمدد و تتوسع وتزود بالإمتيازات ،والنفط المنهوب على يد الدواعش من العراق وسوريا يباع في السوق ويدخل البنوك التركية والوسيط تركي ، والأمر لم يتغير كما تقول التقارير الأميركية المتداولة في الصحافة ، ولا مشكلة أن يتم ذلك كله تحت عين أميركا ، من الدولة الوحيدة العضو في الأطلسي من بين جيران داعش .
بالمقابل لا تواصل مع سوريا للتعاون السياسي ، رغم مساعي التنسيق الميداني التي ينكرها القادة الأميركيون ، وبسبب الرفض السياسي تعطل التعاون الأميركي مع روسيا بكلام صريح من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ، ورفضت إيران المشاركة في أي تنسيق أو تعاون كما قال قائد الدولة الإيرانية الإمام الخامنئي .
بالمقابل يجري الأهم وهو إدراك سوريا والعراق أنه لدى الأميركي خطة مصالح تقتضي بقاء داعش ، لكن تحت السيطرة ، فيستجلب إليها كل جهاديي العالم لترتاح دولهم منهم لسنوات برعاية تركية ، ولذلك يريد الأميركي حربا طويلة ، ولذلك تحصن السعودية لمنع إختراقها ، ولذلك تقصف مواقع داعش الأمامية لتكون حدود الإمارة مرسومة بالنار الأميركية .
الأهم بناء على هذا الإدراك ، هو أن الخلاص من داعش مصلحة عليا سورية عراقية تستدعي التنسيق الميداني والسياسي ، والتعامل مع المواقف الدولية والإقليمية بذكاء إستراتيجي ، بعيدا عن الحماسة والإنفعالات السلبية أو الإيجابية .
ما حك جلدك مثل ظفرك ، قال الرئيس الأسد لممثل رئيس الحكومة العراقية الذي زاره أمس ، وسوريا مستعدة لكل تنسيق و تعاون يحمي أمن البلدين معا ، بلا رهانات ولا اوهام على ما سيفعله الآخرون ، فهم يفعلون مصالحهم ونحن نفعل ما لصالحنا .
2014-09-17 | عدد القراءات 2299