منذ بداية الأزمة في سوريا وأداء قادة محور المقاومة على مشرحة التقييم من الأصدقاء والمحبين ، وهم في اغلبهم صحافيون أو سياسيون متقاعدون أو متعاطون الشأن العام على صفحات التواصل ، لا يملك هؤلاء الذين يضعون نظارات سميكة لإبداء الرأي في محطات المواجهة ما يسمح بالقول ان مواقفهم تؤثر في وجهة الأحداث ، فهم لا يملكون جمهورا منفصلا عن جمهور قيادة سوريا والمقاومة ، بل يتقاسمون شطائر من جمهور الرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصرالله ، ويستمع إليهم ويتأثر بهم جمهور مريدي السيد والرئيس لأنهم أظهروا في الأزمة وفاءا وثباتا وحماسا إلى جانب سوريا والمقاومة ، وترفعوا عن إغراءات الحلف المعادي وتهديداته .
طبيعة الحرب الإعلامية والنفسية التي يشتغل عليها معسكر اعداء سوريا من جهة ، وضعف وسائل ورموز الإعلام الرسمي لكل من سوريا والمقاومة من جهة اخرى ، جعلا من هذه الأصوات إعلاما حربيا رديفا ، و ضعف أداء القيادة الرسمية للحزب والحكومة في سوريا مع بدايات الأزمة والنقمة عليهما ، والشعور بأنهما لا يلبيان ما يستحقه الوضع من متطلبات وما يستحقه الرئيس من تفان وصدق ووفاء ، جعلا أيضا للنقد الذي يصدر من الأصدقاء صدى دائما .
الوهم بأسطورة أن كل شيئ مخطط ومدبر ، وأنه لاتسقط شعرة إلا بأمر ، سمعة ترافق القوى التي تصنع الإنتصارات الصعبة كما هو حال سوريا والمقاومة ، ولذلك يعتقد كثيرون ان الكلام الذي يقال من اصدقاء ثبتت جدية وقفتهم مع سوريا والمقاومة ، قد يكون نوعا من التكتيك المتبع من قيادة سوريا والمقاومة بتقاسم أدوار له وظيفة ما .
خلال الأشهر الأولى من المواجهة وصمود الدولة السورية أمام الحلقة المشابهة التي أسقطت مصر وتونس ، و إستبعاد تكرار نموذج ليبيا لخصوصية الحرب في منطقة على تماس مع أمن إسرائيل وقدرة ردع ترافقها ، و إستحالة تكرار نموذج التنحي اليمني لأن قرار سوريا ليس بيد دولة تقوم بما قامت به السعودية في اليمن ولو كانت إيران او روسيا ، بدا كأن نهاية جولة التظاهرات والإعلام لصالح سوريا والمقاومة تسمح بإعلان النصر ، وساد هذا التقدير المتسرع ، حتى خرج الرئيس الأسد يقول هذه جولة وستليها جولات وعلينا الإستعداد ولو إستمرت المواجهة سنوات .
مرت مواجهات شهور ستة توسع فيها السلاح والمسلحون على مساحة سوريا ، وبدا ان مناطق تتساقط بأيديهم وأن مواقع عسكرية كثيرة كانت منيعة يحتلونها ، وترافقت مع مجيئ المراقبين العرب ، ورغم الإنفراج الذي وفره الفيتو الروسي ضد التدخل الدولي على الطريقة الليبية ، فقد كان لوقع القرارات العربية العدائية مع التقدم العسكري أن الحرب تنتهي بهزيمة ، حتى كانت معركة بابا عمرو في حمص فبدا أن الجيش السوري قوة قادرة وأن النصر يلوح فعاد التفاؤل .
ثم جاءت موجة معاكسة وتشاؤم مشابهة مع تساقط مواقع هامة في حلب وريفها ، حتى جاء لقاء كيري لافروف وحسم الحل السياسي كإطار لإحتواء تداعيات الأزمة وتسليم أميركا بعجزها عن الحرب ، وتلته بشهر معركة القصير ، وما أنتجاه من موجة تفاؤل وثقة بالنصر ، حتى أزمة الأساطيل والتوهم أن الحرب آتية لا محالة والخوف والقلق والذعر ، فإذ بالحل الكيميائي ، وما تلاه من تحضير لجنيف ، وفشل جنيف ، و موجات الحسم العسكري في القملون فتعاظم الإحساس بإقتراب النصر ، حتى ظهور داعش وخروج التحالف الدولي للحرب عليها ، و ترددات الموقف التركي ، و ساد القلق من كمين إستراتيجي خصوصا مع الكلام عن تسويات وراء الباب مع إيران بدأت مع تنحي نور المالكي ، وعن حصار لروسيا وتحليلات عن تأثرها الإقتصادي بالعقوبات ، فتضعضعت المعنويات ، حتى بدأت جاءت ثورة اليمن ومواقف إيران و روسيا من حلف الحرب والمنطقة العازلة ، وكانت عملية المقاومة في مزارع شبعا والإعلان عنها كقرار حرب شاملة ، فعاد الأمل .
سنوات مليئة بتراكم الأحداث تقول أن قيادة الرئيس والسيد تملك مقدرات التحكم بمفاتيح العلاقة بالزمن ، وأن التحالف مع إيران وروسيا متين وعميق وراسخ .
القادة الإستراتيجيون لا يحتاجون الثقة أيام نشوة النصر ، ولا يفيد تهليل الأصدقاء للإنتصارات ، بل الحرب النفسية تستحق في لحظات تعرج الأزمات وتسلل وهم الضعف إلى نفوس الناس ، هنا يكون دور الأصدقاء حتى لو كان لهم رأي نقدي بالأداء ، فمهمتهم هي المساهمة بتصليب جبهة الحرب وليس المشاركة دون إنتباه بإضعافها .
2014-10-12 | عدد القراءات 2327