تركيا وقطر صنعتا داعش والنصرة لصاحبتهما أميركا – ناصر قنديل

كانت القاعدة حتى العام 2010 كائنا كامنا موجود في العراق  وأفغانستان تحت ضغط الملاحقة ، ولم يكن لأحد أن يتوقع أن تتحول بمولوديها الجديدين ، النصرة وداعش إلى اللاعب الرئيسي على مسرح الشرق الأوسط .

كانت قطر كدولة صغيرة متموضعة على ضفة دعم المقاومة والصراع مع السعودية أولويتها ، وجزيرتها القناة الأولى المحبوبة لدى جمهور المقاومة ، وكان الطابع الإسلامي للقناة لا يشير لخلفية حزبية بعينها ، فقد كانت خليطا لإسلاميين بعضهم من جذور الأخوان المسلمين وبعضهم الآخر على تماس مع القاعدة ، وكان إهتمامها بالقاعدة يبدو مهنيا من جهة و نكاية بالأميركيين من جهة أخرى ، فيما تبدو العلاقة بالقاعدة الأميركية والمكاتب الإسرائيلية ضرورات الواقعية السياسية .

كانت تركيا الدولة الإسلامية العلمانية الوحيدة القوية الصاعدة إقتصادية الناجحة بإنفتاحها على سوريا وإيران والعضو في الأطلسي في وقت واحد تبدو كحاضن لفلسطين من يوم قضية اسطول مرمرة ، ومساعي فك الحصار عن غزة واللغة العالية النبرة بوجه إسرائيل ، والعلاقة بالأخوان المسلمين كانت نوعا من تواصل مفيد لنقل عدوى العلاقة الجيدة بسوريا وإيران و إضعافا للحكومات العربية الدائرة في فلك أميركا والخانعة أمام إسرائيل .

عام 2010 تزامنت ثلاثة تطورات باتت اليوم معلنة وفي التداول :

  •  الأول هو إجتماع الأخوان المسلمين بالأميركيين في أنقرة بشراكة تركية قطرية لمناقشة حال مصر ومستقبلها بين التوريث والعسكر بعد مبارك وعرض الأخوان بضمانة تركيا وقطر تسليمهم مصر مقابل تعهدهم بحماية كامب ديفيد وضبط غزة والتعاون للضغط على سوريا .
  • الثاني هو إجتماع فرانكفورت لقادة الأطلسي الذي ترأسه باراك اوباما وقدم خلاله لزملائه المعطيات التي تقول أن الشرق الأوسط ساحة عمل حيوية وأن أميركا لم تعد قادرة أن تتحمل وحدها عبء التصدي للأحداث وتقرر يومها تكليف تركيا بالجهوزية للمنطقة الآسيوية وفرنسا بالمنطقة الأفريقية ما عدا مصر والسعودية وإيران وإسرائيل فتبقى مسؤوليات أميركية حصرية .
  • الثالث هو بداية ما سمي بالربيع العربي بأحداث عرفت مثلها تونس من قبل في منطقة الجوف ، مع إضراب عمال المناجم وغاب عنها الإعلام ، لتتحول هذه المرة بقوة حضور الجزيرة وإلتحاق العربية بها إلى تحركات متواصلة ومتسارعة ، تتوقف معها برامج القناتين ويصير فورا العنوان شعب يصنع ثورة وتتواصل الحلقات في مصر واليمن وتبدو حكومتا قطر وتركيا تقودان ثورة الشعوب على الحكومات الموالية لأميركا .

بدأت العدوى في ليبيا وإمتدت إلى سوريا منتصف العام 2011 وتركيا وقطر ومعهما حماس هذه المرة ، وحكومتا تونس ومصر هذه المرة أيضا  في خندق الدعوة لإسقاط الحكمين الليبي والسوري ولو إقتضى الأمر تدخلا أطلسيا يتحقق في ليبيا ويتسعصي في سوريا .

تكشفت حكومتا قطر وتركيا عن رأس الجسر لمشروع اميركي جديد عنوانه تسليم الحكم في المنطقة للأخوان المسلمين ، وبدت السعودية الشريك في معركتي سوريا وليبيا على ضفة أخرى في مسألة الأخوان .

فشل الأخوان ومعهم تركيا وقطر والسعودية وفرنسا وأميركا بإسقاط سوريا فسقطوا في مصر الموقع الأهم في العالم العربي ، وتراجع الدور التركي القطري لحساب السعودية .

ظهرت جبهة النصرة ومن ثم تنظيم داعش ، من رحم القاعدة ولم يعرف سبب  تغيير الأسماء ، وبدا بقوة حجم العلاقة القطرية بالنصرة كما العلاقة التركية بداعش .

الأخوان يقودون القاعدة ، وتركيا وقطر في قلب لعبة الأخوان والقاعدة ، والمفردات الجديدة تغيير أسماء واثواب للقاعدة ، وأميركا ترى وتسمع وتصمت او تشجع أو تعترض بخجل .

اليوم داعش يروض  تركيا بجعلها تحت الضغط الأميركي ، بعدما روض البرزاني في أربيل ، ويستنزف أكراد سوريا المستقلين وينقلهم لعباءة البرزاني ، و يقف عقدة لإيران وسوريا وحزب الله ، ويبرر بداعي الخوف سحب الودائع السعودية والخليجية للتسلح والحماية ، بينما النصرة برعاية قطرية زاد لأمن إسرائيل برعاية قطرية وقوة إستنزاف لحزب الله وسوريا على جبهات السلسلة الشرقية بين لبنان وسوريا وعلى حدود فلسطين .

إنتهى الربيع العربي  و خلصت الثورة وجاء وقت الحقائق وأحجام تركيا وقطر والسعودية تتحدد تحت جزمة داعش والنصرة بعدما صار الأميركي حاضرا يدير بنفسه كل التفاصيل .

 

 

 

 

2014-10-19 | عدد القراءات 1617