تجمع القوى الإقليمية والدولية رغم اختلافها في السياسات والرؤى على أهمية الانتخابات البرلمانية التركية وانعكاساتها على مجريات الأحداث في الإقليم المشتعل بنيران المصالح وتضاربها من جهة وصراع الوجود ورسم الخرائط الجيوسياسية من جهة أخرى بسنوات ضياعه الخمسة وما رافقها من تغير في الألوان والأشكال والإيقاع وفق مقتضيات الحراك الدائر على الساحتين السياسية والميدانية مما يجعل الانتخابات التركية ثقل وازن في رسم التفاهمات السياسية والميدانية والتي بدأت مع توقيع التفاهم الإطاري حول الملف النووي الإيراني وستنتهي في الثلاثين من حزيران الموعد النهائي للتوقيع.
يدخل آردوغان الانتخابات النهائية مثقلاً بملفات داخلية وخارجية ترخي بظلالها على المشهد الانتخابي بعد أن خبا وهج الحرية والعدالة وانكسرت أحلام الإسلام السياسي في المنطقة كغطاء معتدل لمشروع تنظيم الإخوان المسلمين في المنطقة.
داخلياً يلاقي آردوغان المنافسالكردي الوافد إلى الحياة السياسية بقوة وثقة منتزعاً من سلطان القرن الحادي والعشرين أصوات الأكراد التي لطالما كسب أصواتهم عبر اللعب على دغدغة مشاعرهم الدينية تارة أوالاحتيال عليهم عبر المناورة في عملية السلام التي على أساسها منحه الأكراد أصواتهم في الانتخابات السابقة ليكتشفوا بأن آردوغان كان همه الشاغل كسب أصواتهم الانتخابية وإلقاء سلاحهم دون منحهم أي حقوق سياسية وفي الداخل التركي تلتقي خيوط انتكاسات الداخل والتخبط الآردوغاني في الملفات الخارجية من اللعب والمناورة المكشوفة في العلاقة مع إيران إلى التورط في سورية والدعم المفضوح لتنظيمات جبهة النصرة وداعش وما أثاره من خلافات سياسية في الداخل منذ بداية الأحداث في سورية وانتهاء بإدخال النصرة وداعش من البوابات الحدودية التركية مروراً بفضيحة الشاحنات المحملة بالأسلحة وهو ما يقطع الطريق أمام أي شراكة تركية مع العدالة والتنمية تسمح بوقف الانهيار الآردوغاني ضمن تراجع وتصفية مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة وكل من انحاز له في المنطقة ومن بينها حركة حماس التي أثرت إخوانيتها على مقاومتها وآثرت السير في مشروع إسقاط مشروع سورية والمهادنة للتيارات المتشددة المتطرفة على اعتقاد أنها في منأى عن تلك التيارات لتجد داعش التي ساندتها في سورية بين أحضانها في قطاع غزة.
ظهور داعش في غزة كنتيجة حتمية لتمددها في المنطقة وسكوت الإخوان عنها قابله في الضفة الفلسطينية الأخرى نمو لداعشية عبرية لا تقل إجراماً عن نظيرتها المتسربلة برداء الإسلام والتي تطلق على نفسها جماعة متطرفو المعبدالداعية لهدم المسجد الأقصى والتي نمت وتمددت مع صعودالتيارالديني القوميالذيكانحزبالليكود فخلال ثمانية وأربعين عاماً من عمر الاحتلال تحولت تلك الجماعة من جماعة هامشية في المجتمع الصهيوني إلى صاحبة ثقل وازن وقرار سياسي في الكنيست والحكومة يحلمون بإزالة المسجد الأقصى وبناء المعبد في مكانه قد حققوا قفزة خطيرة في النفوذ الحكومي حيث استحوذت في حكومة نتنياهو الحالية على 7 مقاعد أربعة من الليكود و3 من البيت اليهودي بينها وزارات العدل والتعليم والسياحة والأمن الداخلي والاستيطان أي أن 28% من مقاعد الحكومة بأيديهم ويشير تقرير لملتقى القدس الثقافي أن دخول "البيت اليهودي" شريكاً حكومياً مع نتنياهو في اللحظة الأخيرة مكّنه من فرض كثيرٍ من الشروط، بينها تسليم وزارة العدل للمتطرفة أيليت شاكيد.
أمام مشهد التشدد الداعشي وضياع بوصلة حماس وفي الذكرى الثامنة والأربعين لما يصفه البعض بالنكسة أو النكبة يعيد الحراك الشعبي في القدس والذي انطلق بخطف مستوطنين للفتى المقدسي محمد أبو خضير بوصلة الصراع والحراك صوب القدس في رسالة واضحة بأن الاحتلال لم "يدجّن" المقدسي الذي لا يزال يرفض الاحتلال كما التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" التي استدرجت السلطة إلى مزيد من التنسيق من بوابات مختلفة.
عقود من الصراع والمواجهة تثبت وضوح الخيارات فمن حارب مشروع العروبة والمواجهة منذ عقود بريادة جمال عبد الناصر وحافظ الأسد يحارب اليوم للنيل من محور يبني خياراته على أساس الدفاع عن الحف الفلسطيني .....إسقاط المشروع الآردوغانيالداعشي من الأناضول إلى القدس يرسم ملامح عصر جديد يؤكد صوابية مشروع كانت وما زالت بوصلته القدس
2015-06-07 | عدد القراءات 2122