قبل أسبوع من انتهاء مهلة ال 30 من الشهر الجاري للتوصل لاتفاق حول الملف النووي الإيراني بين طهران والسداسية الدولية يأتي تبنى مجلس الشورى في طهران قانونا يرمى الى الحفاظ على مكاسب البلاد وحقوقها النووية ، والذي يؤكد أن الالغاء الكامل للعقوبات يجب ان يتم يوم بدء تطبيق تعهدات ايران ، وهي إحدى النقاط الخلافية بين الطرفين والتي لطالما هددت بتفجير المفاوضات أكثر من مرة في ظل الشكوك الإيرانية بسعي الغرب للتملص من رفع العقوبات تحت غطاء المماطلة وخلق قنوات مفاوضة لاحقة تستنفذ الوقت وتفرغ الاتفاق من مضمونه.
يبدو القرار للوهلة الأولى كرد فعل على قرارالكونغرس الذي منح مجلس النواب إمكانية مراجعة ورفض الاتفاق النووي مع طهران حيث تسعى واشنطن لربط الاتفاق بالسياسات الداخلية الأمريكية وهو ما ترفضه إيران وبعيداً عن إصرارها على التعامل مع الولايات المتحدة من موقع الند دولة لدولة فإن القرار يأتي ضمن سياق قوننة الاتفاق وخلق بنية قانونية وتشريعية في بلد قائم على المؤسسات ولا يقل تنظيماً عن الولايات المتحدة .
تدرك طهران أن توقيع الاتفاق لن يجعل من واشنطن الصديق الصدوق لها ولن تتحول العداوة المفرطة لتعاون بلا حدود بل ستسعى المؤسسات الأميركية من البيت الأبيض إلى مجلسي الكونغرس والنواب مروراً بالبنتاغون لتحويل المعركة إلى حرب استنزاف طويلة الأمد لإيران عبر القوانين بدلاً من العقوبات والتهديد والوعيد وبالسعي لاستصدار قرارات محلية تارة وأممية تارة أخرى للضغط على طهران ومحاولة خرق البرنامج النووي الإيراني سواء عبر التفتيش على المواقع العسكري لزرع أجهزة تجسسها كما فعلت في العراق إيام التفتيش على السلاح الكيميائي إبان حكم الرئيس صدام حسين أو الوصول لعلماء البرنامج النووي الإيراني لتجنيد ما تستطيع استمالتهم بعد فشل خططها باغتيال العلماء بالتأثير على مسار برنامج طهران النووي.
تدرك واشنطن وطهران أن الثلاثين من حزيران موعد يؤسس لما بعد الاتفاق لرسم ملامح المنطقة كلها وتلقي ارتدادات الاتفاق على الساحات الحامية انطلاقاً من اليمن والسعودية فالعراق وسورية ولعل انطلاق الحوار اليمني في جنيف ورغم توقفه وفشله بالتوصل لوقف إطلاق النار إلا أنه وضع قطار التسوية على السكة وأسس لحراك سياسي يمني بعيداً عن عنتريات أمراء وممالك الخليج ومشيخاتها المصرة على التمسك بشرعية رئيس لا شرعية له تبحث له عن موطئ قدم في الساحة اليمنية بعد فراره وأركانه إلى الرياض يصدر منها مراسيم وقوانين لا تسمن ولا تغني عن جوع اليمنين الذي بات أكثر من نصفهم في عداد الجياع لاستحالة وصول المساعدات الدولية إليهم بعد قضاء تحويل الغارات السعودية بين الحزم والأمل مطارات اليمن السعيد لأكوام من الركام في حرب أرادتها بالوكالة ضد طهران على المسرح اليمني ما يجعل من جنيف اليمني بوابة الإقرار بالدور الإيراني في تسيير الحل السياسي للوضع اليمني المتأزم.
ربما لم تتضح بعد ملامح الدور الإيراني الإيجابي في التسوية اليمنية إلا أن المجتمع الدولي يدرك حق المعرفة أن مسار التجاهل لطهران في اليمن لا يمكن تعميمه في الشأن السوري وجهودها في التوصل لتسوية سلمية للأزمة خاصة وأن تجاربه الفاشلة في نسختي جنيف الأولى والثانية ربما ما كانت لتفشل لولا استبعاد طهران من الحسابات وبذلك يأتي انفتاح المبعوث الأممي إلى سورية استيفان ديميستورا على طهران والاتصال الأخير مع مساعد وزیر الخارجية الإيراني حسین أمیرعبد اللهیان لوضعه في أجواء المفاوضات والمشاورات في جنیف مع الاطراف السوریة ومندوبي الدول بمن فیهم سفیر طهران والتحضير لزيارة ديميستورا طهران سوى خطوة أممية أمريكية للتقارب مع طهران لإطلاق المسار السياسي لحل الأزمة.
تقاطع الملفات الإقليمية في طهران يجعل من إيران حجر زاوية الشرق الاوسط ونقطة تلاقي العقد الكبرى ومنها تنطلق بوادر الحل.
2015-06-24 | عدد القراءات 2255