كل شيء في لبنان يوحي بأن الأمور تزدحم نحو الإحتقان والإحتباس وتتهيأ للتفجير ، وان ما يجري خارج سياقه المفترض من التهدئة والحرص والمسؤولية ، ففجأة صار رئيس الحكومة تمام سلام يتصرف كتصرفات فؤاد السنيورة قبيل قرار ضرب شبكة إتصالات المقاومة في الخمس من أيار عام 2008 القرار الذي أسس لرد حزب الله بعملية السابع من ايار التي مهدت لتسوية الدوحة ، والتصادم المبرمج لإحراج العماد ميشال عون لإخراجه أشبه بقرار الخامس من ايار .
فجأة يبدو لبنان البلد الوحيد في العالم الذي لم يتسنى له الإهتمام بما يجري على الساحات القريبة والبعيدة ، بينما لا أحد في العالم بدا معنيا بما يجري في لبنان ، حيث الإحتقان يدخل مراحل أشد خطورة ، وكأن اللبنانيين الذين تباهوا طوال شهور أن المنطقة حولهم تشتعل وكل شيئ عندهم تحت السيطرة قد تسببوا بالحسد لبلدهم فذهبوا إلى التفجير بينما المنطقة تتلمس طريق التسويات ، كمن يطعمهم الحج والناس راجعة .
كان المتابعون بعد جلسة الحكومة الأخيرة يستشعرون نوعا من المبالغة في تصعيد العماد ميشال عون ، طالما ان الإختبار الحكومي لم يبالغ في إستفزازاه والجلسة رفعت قبل متابعة جدول اعمال مليئ بالبنود كعلامة حكمة في إدارة الخلاف والحرص على عدم التصعيد ، فجاءت دعوة رئيس الحكومة تمام سلام لإجتماع للحكومة على خلفية التصعيد في الخلاف ، لتقلب الصورة مع ما رافقها من حديث عن الصلاحيات ، التي تذكر بممارسة الرئيس فؤاد السنيورة للحكم بحكومة بتراء وغير ميثاقية في فترة الفراغ الرئاسي بعد إنتهاء ولاية الرئيس إميل لحود ، ويبدو توجه الرئيس سلام أكبرمن كونه شأنا لبنانيا ، خصوصا أن اللبنانيين إنتظروا سنة ونيف على الفراغ الرئاسي وهم يسمعون قادتهم يقولون يجب إدارة الإنتظار بأقل الخسائر ، فمن اين جاءت هذه الحماسة اليوم وفي ربع الساعة الأخير لحسم شؤون بحجم إعادة تأسيس دستوري لقواعد الحكم .
في قلب المواجهة بين سلام وعون ، يقف تيار المستقبل وحزب الله ، وجها لوجه ، و يرى مراقبون أن دعوة سلام "حريرية " أو بالأحرى "سعودية" تريد وضع حزب الله في ربع الساعة الأخير من مفاوضات الملف النووي الإيراني بين خيارين هما ، الوقوف مع العماد عون الذي رفع سقف المواجهة بدعوة تياره لحملة تعبئة عامة تمهيدا لخطوات في الشارع ، والإختبار لحزب الله هو في المخاطرة بما سيجره الشارع من تداعيات تصيب الوضع الأمني ، أما الخيار الثاني فهو ترك العماد عون يخوض مواجهته وحده وتجاهلها ، وبالتالي إيصاله إلى لحظة الحسم الرئاسي مستنزفا ضعيفا ، قادر على ان يكون ناخبا رئيسيا لكنه لن يكون عندها المرشح القوي .
لبنان مع الأسبوع الإقليمي الحاسم يدخل أيضا أسبوعا حاسما ، ويبدو قد دخل الساحات الساخنة بعد وقت طويل من الصيام عن الخطايا ، ليفطر قبل المغيب فلا يكسب حسنات صائم أتم صيامه فشعر بسكينة المؤمن ونعمة الصيام ولا يتمتع بهدوء مفطر يتناول وجبات الطعام في مواقيتها .
المسألة لا تبدو سوء حسابات بل تبدو محسوبة جيدا ومن خارج الحدود ، الذهاب بالحكومةلإجتماعات تكسر عون ، تعني إخراجه من السباق الرئاسي وكسر مكانته كزعيم ، أو دفعه للشارع وفي الشارع على حزب الله إما التخلي أو الشراكة والمواجهة .
المواجهة تبدو قريبة وكأن السابع من ايار صار مطلبا سعوديا ولو شطب جماعتها من المعادلة لتكون مفاوضا على مائدة إقليمية تملك ما تساوم عليه .
2015-07-04 | عدد القراءات 3205