تحدث الاستاذ ناصر قنديل ان في هذه الحلقة لا نحتاج ان نحدد العنوان لان العنوان قد حدد نفسه و منذ شهر اذار تاريخ توقيع اتفاق الاطار الذي يتصل بالملف النووي الايراني ، ففي كل حلقة موضوع الملف النووي الايراني يترأس المواضيع الاولى، ومنذ اكثر من سنة اي في تشرين اول في عام 2013 عندما عادت امريكا الى التفاوض وعادت معها (5+1) بعد الحل السياسي للسلاح الكيميائي في سورية واستئناف المفاوضات الايرانية مع مجموعة (5+1) ومواكبة هذا الملف والذي يشكل دائما السقف الذي يحكم كل المعادلات اللاحقة وانه كما عادت الاساطيل التي جاءت لخوض الحرب على سورية خالية الوفاض وعادت كما جاءت لم تخوض حربا فكانت عودتها هو اعلان نهاية الحروب ، لان من كان مهيأ لخوض الحرب كانت افضل فرصه وظروفه هي في تلك اللحظة ، والعنوان يعبئ قوى الرأي العام في المجتمع الغربي بأن سورية تستخدم السلاح الكيميائي لقتل المدنيين كما كانت تهمة اوباما انها تخرق خطا احمر رسمه رئيس الدولة الاعظم في العالم ، وان سورية في هذا الوضع يجب ان تؤدب وامريكا معها كل الحلف المناهض لسورية وتختبر قدرة حلفاء سورية واستعدادهم على التورط والانخراط في الحرب ، وكانت النتيجة الاستنفار الروسي واطلاق الصواريخ المضادة للصواريخ التي اسقطت الصاروخين الامريكيين قبالة الساحل السوري ، وايران واستعدادها لدخول الحرب بكل قدراتها ، وحزب الله واعلانه بأن الحرب ستكون مفتوحة ، وبالتالي اقيمت الحسابات بدقة في معركة مع سورية ، فكيف سيكون التعامل الايراني وقوى المقاومة وخصوصا حزب الله ، وبالتالي الذي قرر الانكفاء من المواجهة العسكرية في تلك اللحظة لا يمكن ان يعود اليها مرة اخرى فهذا امر حاسم ، مؤكدا قنديل مرارا انه لا امكانية لوجود حرب ولكن من باب الفرضية يقول اذا كانت هنالك فرضية للحرب فقد سقطت ، فعودت اساطيل الحرب لم تكن كرم اخلاق وانتزاع السلاح الكيميائي بصيغة حل سياسي بل جاءت بذريعة استخدام السلاح الكيميائي من اجل تحطيم القدرة السورية ووضع اليد على سورية لان القضية اولا واخيرا ليست شرطة دولية من اجل التفتيش على السلاح الكيميائي بل القضية في جيب من سوف تكون سورية في هذه المعادلة الجديدة لمستقبل العالم ، وبالتالي من لم يخوض الحرب يومها لن يخوضها في المواجهة مع ايران ومن عاد للتفاوض للحل السياسي للسلاح الكيميائي سوف لن يسلك سوى الحل السياسي في الملفات الاخرى وفي مقدمتها الملف النووي الايراني .
ومن الواضح ان اطار الملف النووي الايراني من الزاوية التقنية محسوم لان قاعدته بسيطة ، ان تتوقف ايران عن انشطة التخصيب والتخزين التي تشكل القاعدة اللازمة لصناعة قنبلة نووية مقابل ان تعود لها ارصدتها المجمدة ، وتفك عنها العقوبات ، وهذا القلب السياسي للتفاهم انطلاقا من ان التوابع الاخرى ان الغرب يريدها وخصوصا امريكا وفي راسها تغيير السياسات الاقليمية لإيران على قاعدة "الفزلكة" التي تقول ان العقوبات انهكت ايران وجعلت ايران عاجزة عن التحمل وتدفع ايران القبول بأي ثمن ، وهذا تم الاختبار عليه عندما فشلت المفاوضات التي وصلت في بغداد الى الاتفاق النووي واراد الامريكي ان يربط بها موقف ايران من موقفه من سورية وبالتالي لم ينجح التفاوض ، وبعدها عُلقت المفاوضات من 2012 الى تشرين اول 2013 والذي استأنف التفاوض 2013 الامريكي ودول الغرب كان يعلم سلفا انه سيعود الى التفاوض على قاعدة ما توقفت فيه المفاوضات في اب 2012 عندما قالت ايران ان رغبتم على التفاوض نوويا فقط ، وان اردتم اضافة ملفات اخرى فنحن لن نقبل بالتفاوض ، وعندما رجع الغرب لخوض التفاوض بعد ان عمل الحل السياسي للسلاح الكيميائي جاء للتفاوض للملف النووي من دون النقاش بالملفات الاخرى اي بإسرائيل ، والخليج ، وسورية ، فهو عندما قرر التفاوض قرر ضمنا ثلاثة اشياء الاول لا للحرب ، و الثاني ان العقوبات لم تعد تجدي ، ومنذ تشرين اول 2013 الى تشرين اول 2014 وبعدها السبع اشهر هذه المدة هي ليست للوصول الى الاتفاق وحل القضايا العالقة ، بل هي لأمرين السنة الاولى كانت لاختبار الخيارات المتبقية لان الامريكي في نهاية 2014لم يعد له مجال للاختبارات لأنه يحل موعده بالانسحاب من افغانستان ، فتم اطلاق داعش في المنطقة ، وكان الامريكي يراهن بذلك على انهيار ايران ولكن رهانه فشل ، ايران لم تنهار بل سيطرت على الوضع ،وظاهرة داعش بدأت بالاحتواء في العراق وسورية وبالتالي وصل الامريكي الى عام 2014 خالي من الرهانات ، والتمديد الذي جرى عام 2014 فهو توقيع مع وقف التنفيذ ، وجاء فلتمان في كانون الاول وقال للنائب وليد جنبلاط اننا نريد التوقيع على الاتفاق اكثر من ايران ولكن نريد ان نعطي لحلفائنا وقتا اطول للتأقلم اي اعطائهم فرص اخرى ، واعطيت الفرص فقامت اسرائيل بعملية القنيطرة لرسم خط احمر امام حزب الله ، وتسليم جبهة النصرة حزام امني من الجولان الى جنوب لبنان اي البقاع ومزارع شبعا ، وايضا تركيا قامت بالدخول الى جسر الشغور في ادلب و رمت بقدراتها العسكرية والامنية ، والسعودية قامت بخوضها الحرب ضد اليمن ، ونحن الان نصل الى اللحظة التي ارتضى فيه الغرب وعلى رأسه الامريكي ان يذهب الى التوقيع على قاعدة معادلات معروفة ومحسومة من اب 2012 ثنائية المقايضة التي يقوم عليها التفاهم النووي وواضحة تتوقف ايران عن التخصيب المرتفع والذي يصلح للسلاح النووي وبالتالي يطمئن الغرب والطاقة الدولية بأن ايران لن تملك ما يسمح لها ان تنتج قنبلة نووية تملك التقنية والمعرفة والامكانيات ولكن من غير استخدام ، اي لا يوجد مكون من مكونات صنع القنبلة وبالتالي هذا اقصى شيء يمكن الحصول عليه مقابله تفتح الابواب لإيران اقتصاديا وترفع عنها العقوبات وتعاد لها اموالها المجمدة وهذه ثنائية التفاهم النووي ، فالغرب لديه وهم أنه يقدر ان يجعل ايران تدفع ثمن الاتفاق بملفات الاقليمية اخرى من موقفها من اسرائيل والخليج والمقاومة وسورية ولكن صمدت ايران وفشل حلفاء الغرب ، الاتفاق النووي هو تتويج لكل حروب المنطقة ، و35سنة من المواجهات من اجتياح الاسرائيلي للبنان ، وعزل سورية بنتيجة كامب ديفيد ، ولكن بصمود سورية والمقاومة انتصرت عام 2000 ، وفي حرب العراق انتصرت ايران وسورية في رفض الاملاءات والشروط الامريكية ، وعام 2006 انتصرت سورية والمقاومة ، وجاء الغرب ليقول لإيران رغم انك لا تزالي تشهرين الاستعداد واليقين بتدمير اسرائيل سيعترف بها على انها عضو كامل الاهلية في المجتمع الدولي .وتتويجها عضوا في السبع الكبار ، وهذا التحول الكبير في ادارة العالم بالتأكيد هو تحول في ادارة الشرق الاوسط لان العضو الوحيد من الشرق الاوسط وفيه نادي السبع الكبار هو ايران ، وبالتالي من العالم العربي والاسلامي الذي يشغل المقعد هو ايران ، وهذا التحول الكبير لم يحدث مثله منذ الحرب العالمية الثانية وهذا يعادل كما يقول الامريكيون اليوم دخول الصين الى عضوية مجلس الامن في عام 1961فهو حدث بحجم نهاية الحرب العالمية الثالثة وبالتالي ايران دولة عظمى وهذه هي الحصيلة .
القسم الثاني : اسرائيل
تحدث رئيس شبكة توب نيوز ان اسرائيل شككت بأن الاتفاق النووي ضامن لعدم امتلاك ايران قنبلة نووية ووضعت مجموعة من الثغرات في اتفاق الاطار وبعد التفاوض الامريكي الاسرائيلي الفرنسي تم الاتفاق على اضافة ملفات للتفاوض والتي لم تكن موجودة في اتفاق الاطار وتم الاتفاق على هذه الملفات ، واذا لم يتم الاتفاق على هذا التفاهم فيمكن الرجوع للبحث ، وعندما قال فابيوس انا مالم تقبل ايران بتفتيش منشآتها العسكرية لن يوقع اتفاقا ، وبعدها قال كيري انه من الممكن فك العقوبات قبل موافقة ايران على تفتيش منشآتها العسكرية لكن لا بد من ان يكون قد تم الاتفاق على تفسير واجوبة على الاسئلة حول اتهام ايران بأنشطة نووية عسكرية سابقا ، فالهدف هو استفزاز ايران ، فهنالك مجموعة من الكمائن و الافخاخ الإسرائيلية التي رضخ الغرب لها لتفجير التفاوض ،
الايراني كان يعلم ان هذا التفاهم النووي يفتح صفحة جديدة ليس فقط في المنطقة ، اي ليس فقط ان يد ايران هي العليا ويد اسرائيل هي السفلى ، بل اهم من ذلك هو انه ينشئ نفقا في العلاقة الغربية الإسرائيلية سوف تفخخها وتأخذها الى تفجير وانه يجب ان يتم هذا التفاهم لأنه اول اسفين عميق في العلاقة الاسرائيلية مع الغرب ، لان اسرائيل ارتكبت حماقة استراتيجية وغباء تاريخي بأنها راهنت ان ايران لن توقع الاتفاق النووي وان وضع مجموعة من التعقيدات في وجه ايران لأجل استفزازها وبتالي فشل المفاوضات ، او ان ايران منهارة اقتصاديا وستدفع ثمن التفاهم والقبول بسحب خطابها العدائي لإسرائيل او التخلي عن حجم انخراطها ووقوفها الى جانب سورية وقوى المقاومة وهذا لم يحدث ،
فالغرب يبحث عن امنه والاسرائيلي يبحث عن ضمان وجوده ، فالأمريكي يقول لإسرائيل كيف يمكن ان نضمن امنك قبل خروجنا من افغانستان فتقول اسرائيل هنالك امرين : السعي لكسر سورية تلك القلعة التي هي في معادلة المواجهة الحربية التي قد تنشأ في المواجهة مع اسرائيل ولو بعد عشر سنوات وستكون معادلتها مختلفة في حرب 1973 لأنه يوجد لديها قوة المقاومة النوعية الاستثنائية و الجيش السوري الذي اعيد هيكلته بإشراف وتتدخل شخصي من الرئيس بشار الاسد ، وايضا وجود ايران القوة العظمى ، وبالتالي الاسرائيلي يريد كسر سورية وعدم امتلاك ايران قنبلة نووية ، إيران لن تغير بمواقفها ولاتزال تعتبر ان اسرائيل غدة سرطانية يجب اقتلاعها ، وانها لن تتخلى عن سورية وقائدها ولا عن المقاومة ، فان ايران مع امتلاكها القنبلة النووية وعدم اعتراف الغرب بشرعية مكانتها السياسية الدولية والاقليمية والتي لا يفرج عن ارصدتها ، وعدم انفتاحها اقتصاديا حتى تتخلى عن عداءها المطلق لإسرائيل ودعمها للمقاومة ، فهو اهون على اسرائيل من ايران بلا قنبلة نووية لكنها تصر على تدمير اسرائيل وتحتضن المقاومة وينفتح عليها الغرب ويعيد لها ارصدتها ويبني معها علاقة اقتصادية وسياسية و تطبيع دبلوماسي وهذا يعلم به الاسرائيلي لكنه لم يعترف به ، وخاض تكتيكاته واستراتيجياته على غبائه وحماقته بأنه جعل العنوان ليس اعتراف ايران بإسرائيل بل جعل العنوان عدم امتلاك ايران للسلاح النووي .
اسرائيل تتصرف على قاعدة ان العد التنازلي لوجودها في المنطقة قد بدأ ، فالغرب حسم امره ومضى بأن امنه بعدم امتلاك ايران قنبلة نووية ، وان معركته السياسية والشعبية الداخلية وضعت على هذا العنوان ، وانه لا يمكن ان يقلبها على العنوان الاسرائيلي ، وبالتالي نجحت ايران بالعقد التي طرحها الاسرائيلي وتبناها الغرب فتعاملت معها بحنكة ومرونة وليس باستفزاز ، وامتصت الهجمة وفككتها ووصلت بالتعاون مع الروسي والصيني الى صياغات وقدمت تنازلات ، ووصلت الى ان فككت اللغم الاسرائيلي .
المشهد المقبل على المنطقة مشهد أسود بالنسبة لإسرائيل والسلوك الغربي سيكون فيه سلوك تدافعي وتسابقي نحو بلوغ العلاقات المتقدمة مع ايران ، وللمرة الاولى تنجح دولة اسلامية ومقاومة في عدائها لإسرائيل بذكاء استراتيجي وليس فقط بمصادر القوة ، وبأن تدق الاسفين الفاصل و الحاسم الذي يدفع الغرب واسرائيل الى مسارين مختلفين في النظر الى معادلة المنطقة ، اقتصاديا ستكون الفرصة الايرانية هي الكنز و المستقبل والافاق ، بينما الاسرائيلي هو العبء ، وامنيا استخدام داعش في سورية هو لاستفزاز ايران اصبحت الان داعش يدق ابواب اوروبا ولن يكون التخلص منه الا عن طريق ايران وحلفائها ، وبالمقابل اسرائيلي هو عبء امني ، وبالتالي تتحول اسرائيل من قيمة مضافة قبل هزيمتها عام 2000 الى عبء استراتيجي بعد هزيمتها عام 2006 وهي الان نفاية استراتيجية .
القسم الثالث : السعودية
تحدث رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية أن أحداث اليمن الاخيرة بأن الانزال الذي قام به درع الجزيرة في عدن نحو خمسة الاف جندي مع مئتي الية مدرعة ومع غطاء جوي كامل ، وعدن هي المكان الوحيد الذي يعطي مكانة للسعوديين في اليمن والعاصمة الثانية الذي هرب اليها منصور هادي هي عدن وبالتالي الرهان اذا احتلت عدن من قبل درع الجزيرة ولو بقيت هنالك مقاومة اي من الحوثيين الثوار لكن يتم فيها ارجاع بنية المؤسسات مثل وزارة الخارجية وبالتالي القدرة للدخول الى الحل السياسي لأنه اصبح اجباريا بعد التفاهم الايراني ، ولأنه اول جرح فتح سيكون اخر جرح يلتئم ، فالهدنة يجب ان تطبق و التفتيش لم يعد بيد السعودية بل اصبح بيد الامم المتحدة ، فهنالك تفاهم عالمي يجب ان يمر في اليمن اسمه وقف الحرب وفك الحصار وبدء الحوار والوصول الى حكومة توافقية ، وسيتم هذا بان تقدر السعودية على الخروج بأقل الخسائر ، والدخول الى عدن هو اقل الخسائر يأتي خالد بحاح نائب الرئيس ويتمهد الطريق لاستقالة منصور هادي ويصبح خالد بحاح هو الرئيس المؤقت والمقبول من كل الاطراف ، وتشكل قيادة عسكرية موحدة ، ويدمج الوية من الجيش تبدأ استلام مدن على قاعدة العداء للإرهاب ومقاتلة القاعدة ،
فالسعوديون لن يذهبوا في الحوار مع ايران ولكنهم ذهبوا الى روسيا بالتنسيق مع امريكا وهذا الذهاب يطال المسألة السورية ، فقررت السعودية الذهاب الى سورية والقول انه من خلال انفتاح البوابة الروسية على سورية ندير حوار سوري سعودي هذا الحوار يؤدي الى دق الاسفين او ايجاد الخلاف ، فالسعودي لديه خطة وهي انه يقبل بعدم التدخل بسورية ويقبل بها كما كانت من قبل ولكن بالمقابل رهانه على ابعاد ايران عن سورية وحزب الله
التذاكي السعودي مبني على عدم فهم للمتغيرات وعلى عدم فهم للتوازنات ، فمبادرة الرئيس بوتين امام الموقف السوري الذي يقول نحن مختلفون منذ 35 سنة على الموقف من ايران ومختلفون على المقاومة منذ نشأتها لأننا مختلفون على مفهوم الامن القومي نحن نرى اسرائيل خطر على الامن القومي وايران بحجمها انزلت علم اسرائيل ورفعت علم فلسطين ، والسعودية لا ترى اسرائيل خطر على الامن القومي بل تعتبرها حليف ،
فالسعودية تكون عقلانية عندما تقبل حلفا اقليميا في مواجهة الارهاب من تركيا وايران والسعودية والكويت والعراق وسورية والاردن ولبنان ومصر وهذا الحلف قادر ان يهزم الارهاب ، فآن الاوان ان تفهم السعودية من ان هذا الطريق الذي يؤدي الى المواجهة الجدية هو الذي يحمي السعودية ، مشيرا ان العلاقة العمانية الايرانية تعطي للسعودية حبل نجاة لبدء حوار يؤدي الى حل في المنطقة .
تحرير : بشرى الفروي
2015-07-18 | عدد القراءات 3584