تحدث الاستاذ ناصر قنديل ان موضوعنا الاول يبدأ من التفاهم النووي الايراني وتداعياته ليس لان هذا التفاهم في الشق التقني يشكل محور صناعة الاحداث بل لان تسليم الغرب اضطر لتوقيع التفاهم مع ايران دون ان يتمكن من تعديل اي من مواقفها تجاه المسائل الكبرى في الشرق الاوسط ، لان الاتفاق ببعده التقني هو قدر لا مفر منه ، عندما لا تريد ايران امتلاك قنبلة نووية وعندما يكون الغرب عاجزا للذهاب الى الحرب بوجه ايران فأن مجرد الحصول على ضمانات تقدمها ايران ووكالة الطاقة الدولية الذرية للتفتيش والتحقق من انها لا تذهب باتجاه نووي عسكري مجرد حدوث هذا كافي بالنسبة للغرب لاعتباره جائزة لا يمكن التخلي عنها، وان يبدي الاستعداد لان يدفع مقابلها اثمان تتصل برفع العقوبات والاعتراف بدخول ايران عضوا طبيعيا في الاسرة الدولية ، هذا بالنسبة لإيران لم يكن مجرد عمل تقني من اجل بلوغ مرتبة علمية متقدمة . وعندما يعترف اوباما بماهية ايران ويقول ليست ايران فقط دولة ذات تاريخ حضاري عريق ، وليست فقط ايران دولة علمية متمكنة وتملك بنية تحتية وقدرات سياسية واقتصادية وعمرانية وعسكرية، عندما يصل كل العالم لان يرى ان ايران تستثمر طوال ثلاثة عقود على البناء المجتمعي والاقتصادي والتقني فمن الطبيعي ان يكون لإيران هدف يتصل بالتطور التقني لكن ايضا في الاستراتيجية ايران تدرك ان عليها ان تكسر معادلة الغرب في الحصار والعقوبات و ان تصل الى التكنولوجيا بأن تجعل الغرب متيقنا من ان امتلاكها للقنبلة النووية يتوقف على القرار اي الجهد الذي بذلته ايران من اجل امتلاك كل التقنيات والعلوم ، وليس فقط التعلم بل توظيف ملايين الدولارات للتعلم واتقان ابناء ايران كل العلوم المتقدمة ولكي يتحولوا الى علماء وهذا قرار استراتيجي يشبه قرار المقاومة بأن يعدوا العدة لكي يكون لديهم شباب وقدرات وامكانات ، وامتلاك لتقنيات تسمح بأن تذل اسرائيل الدولة الاعظم في العالم على مستوى القتال العسكري في هذه المنطقة وبين ايديها كل تقنيات الغرب العسكرية وان تمرغ انفها في الوحل ، وتستدرجها الى الحرب التي وقعت عام 2006 لكي ترسل للعالم رسالة مضمونها انها كسرت قانون الحرب التقليدية الذي يقول بأن الجيوش النظامية للدول عندما تكون متمكنة وجاهزة وتقرر اجتياز حدود دولة فأن احدا لا يستطيع ان يقف امامها مهما كانت العزيمة والارادة والمثابرة لان المعادلة هي معادلة النار فإذ تضع المقاومة معادلة معاكسة وتنتصر معادلة المقاومة ، وان المعادلة هي معادلة الدماء والعقول فتنتصر معادلة العقول و الدماء وتهزم معادلة النار، كان الملف النووي الايراني مبني في البعد الاستراتيجي ان قرار انتاج طاقة نووية بكامل حلقاتها المتسلسلة هو قرار استراتيجي مبني على دراسة عميقة وهادئة لعقل الغرب وكيفية اشتغاله ، ولقدرات الغرب وامكانياته العسكرية وكانت ايران تسير على خط بناء القدرة العسكرية التقنية العالية التي تجعل الحرب على ايران مستحيلة ،
فبعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران عام 1979و بعد انزال العلم الاسرائيلي بدأت العقوبات و الحصار ولم تكن معركة نووية كان ذراعها نووي لذلك خاضت ايران المعركة بذات الذراع التي اختاروها وقررت ان تكسر انوفهم في ذات الساحة وتجلبهم لساحتها وتقول لهم لن اعترف بإسرائيل ولن افك علاقتي ودعمي للمقاومة ولن اتخلى عن سورية و اليمن و البحرين ، فسلاحها هو امتلاك القنبلة النووية والتوقيع عليها والاعتراف بها كدولة عظمى مع اصرارها على تدمير اسرائيل ودعمها للمقاومة وسورية و حركات المقاومة ،
واشار قنديل ان القضية عند الغرب لم تكن محصورة بمسالة ملف تقني بل كانت كيف يمكن من خلال العقوبات تحقيق العنوان التقني التي تريد ايران ان تتخلص منه وتدخل الاسواق وتبيع نفطها الذي تملك ، لو فشلت ايران في بناء معادلة ردع تمنع الغرب من التفكير بالحرب ولو فشلت ايران في بناء معادلة تقنية نووية تسمح لها بأن تمتلك القنبلة بقرار، ايران التي لا تساوم ولا تفرط وغير مستعدة للتنازل وهذه هي استراتيجيتها المتصلة بثوابت ومتصلة بمواضيع وملفات المنطقة والتمسك ببناء قدرة عسكرية تجعل الحرب معها مستحيلة والتمسك بكامل حلقات التقنية النووية بقدرات ذاتية وعقول ايرانية ،
وتابع قنديل متسائلا هل سيسلم العالم والغرب واتباعه بالتبعات والكلفة المترتبة على ما جرى بالتفاهم النووي فهم مدركون حجم الخسارة والكلفة ولكن كل جرعة سيبتلعون منها كافية للتفكير بالانتفاض مرة اخرى ، فهل يجرء الغرب على متابعة تطبيق حلقات هذا التفاهم المكلف في تنفيذه في السياسة الاستراتيجية والمغري في ابعاده ونتائجه وتداعياته الاقتصادية ، واكد قنديل سابقا ان الاتفاق سيوقع كما يؤكد الان اكد ان الاتفاق سيطبق ولم يولد الاتفاق الا ليطبق وان لا بديل على الاتفاق الا الاتفاق نفسه وتطبيقه ، لان البديل الاخر هو العودة الى المربع صفر فايران وقعت الاتفاق لتطبقه بحذافيره .
واشار قنديل انه للمرة الاولى توضع لعبة المصالح مسافة وابتعاد بين مصالح الغرب وبين مصالح حلفائه في المنطقة فايران عرفت كيف تفصل ما يريده الغرب وحلفائه من تركيا واسرائيل والسعودية ونجحت ، وستنال كل ما نص عليه الاتفاق وبالتالي ستتعاظم بالمكانة والقدرات والامكانات وهي لم تغير حرفا بالسياسة ،
يوما بعد يوم ستتعمق حالة المصلحة الغربية في المزيد من الانخراط مع ايران وستتعمق اكثر حالة التجاذب والافتراق والتنافر بين رؤية حلفاء الغرب في المنطقة لمصالحهم ورؤية الغرب لمصالحه ، وعلى خلفية هذا التحول سوف نقرأ ماذا سيجري في المنطقة ، واكد قنديل ان الاتفاق بديله الوحيد هو التوقيع وبديل التوقيع هو التوقيع واليوم يقول بديل التطبيق هو التطبيق.
القسم الثاني :
تحدث رئيس شبكة توب نيوز ان ليس لدى ايران اي نية للخروج من بنود الاتفاق فهي تدركه جميعا وقادرة عليها وراغبة بالتطبيق وليس لدى الغرب اي بديل في الاستفزاز في التطبيق او بديل العودة الى الوراء او العقوبات وكلما مرت الايام في سياق التطبيق سيكتشف الغرب بأنه اصبح منخرطا ومتورطا في معادلات مشتركة مع ايران وسيكون من الصعب التراجع ، وسيكون من الصعب التراجع فيها في مسألة مكافحة الارهاب ، وسيكون لإيران وحلفائها الدور الحقيقي في هذه الحرب، واشار قنديل ان الذي انكفئ وتورط على الضفة الاخرى هم حلفاء امريكا التركي الذي يحتضن داعش والسعودي يمول جبهة النصرة و القاعدة والاسرائيلي يحتضن النصرة على الحدود مع سورية ولبنان، بينما حزب الله وسورية والعراق اي الحشد الشعب وايران هم الذين يقاتلون القاعدة وداعش والنصرة ، والمسالة ان التكتل الارهابي الذي رعاه وصدره لنا الغرب هو الة استخبارية وله خصوصية عندما تجذرت في المنطقة وهي تعرف ان الغرب سيستغني عنها منذ نشأتها في افغانستان واستعملها لإسقاط الاتحاد السوفيتي ولضرب وجوده في افغانستان وتفكيكه ودفعه الى الانهيار لكنها تعرف عندما تنجز المهمة سوف يتخلص منها كما يجري التخلص من كل العملاء ، وبالتالي منعا لهذا التخلص كما تصرفت في افغانستان امسكت وتجذرت وتمكنت من ان تمنع دون التخلص منها ، كما تعمل الان في العراق وسورية بخبرة اعلى وبأن تبقي الغرب في منتصف الطريق الذي يستعملها لاستنزاف قوى المقاومة وحلفائها لكنها تستعمل تسهيلاته لتبني معه في الظل المنظومة السوداء السرية التي تضرب في الغرب والتي تلبي عطش مقاتليها للدماء في عواصم الغرب .
واشار قنديل ان هنالك سيكون تطبيق مغري ومشجع من ايران والغرب ويكون الى جانبه مصالح امنية واقتصادية ،
ولفت قنديل ان بعد احداث 7 ايار 2008 والعملية الرادعة التي قامت بها المقاومة عندما اخذ فؤاد السنيورة قرار تفكيك شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة وبعدها خرج سماحة السيد حسن نصر الله ليعلن ان السلاح سيحمي السلاح ، وبعد هذه العملية السؤال الذي يطرح ان هذا التكتل الميليشيوي الذي بناه تيار المستقبل مع مناخ الضخ الاعلامي العدائي والتعبئة الشعبية المذهبية والسيطرة على الة الحكومة وادواتها الامنية ، فلو تزامن مع حرب تموز فكان من الممكن ان تتغير النتيجة فلو امتلكوا كمية الوقاحة في الهجوم على المقاومة في الوقت التي كانت فيه اسرائيل في ذروة الحرب والتي تظن انها قادرة على النصر و حلفائها يتبنون ان تنتصر اسرائيل دون ان يهانوا وتلصق بهم صفة العمالة ، فالخطة لديهم ان اسرائيل تضرب حزب الله وبعدها يسلم سلاحه ، وهذه كانت حساباتهم .
وقال قنديل نحن امام مشهد يقول ان اشتباك سعودي ايراني سيبدو في لحظة ما قيد الوقوع اي سنشهد تصعيد في الساحات التي تشترك فيها سورية وايران في الحضور وهذا التصعيد التي تكون السعودية مستعدة لبذل كل ما بين ايديها من مال وعلاقات ودبلوماسية وتصعيد وتحريض مذهبي ومن الذهاب الى ضرب المحرمات كما لم نشهد من قبل ، في سورية ولبنان وفلسطين , السعودية تقول على كتف الكلام الامريكي الذي قال انه لن يتخلى عن الحلفاء ، تقول لهم على لسان سمير جعجع الذي تحدث بلسان السعودية فإن المنطقة بعد التفاهم النووي ذاهبة الى المزيد من السخونة .
القسم الثالث :
تحدث رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ان حلفاء الغرب الثلاثي ( السعودي والتركي والاسرائيلي) سوف يتلمس ان شق الخلاف والابتعاد بين مصالحه ومصالح الغرب تكبر ، وان دول الغرب الى المزيد من الانخراط مع ايران في الملف النووي تطبيقا ، وفي مكافحة الارهاب ، ومزيد من الانخراط الاقتصادي ، وهو يعلم ان الحديث عن الاتفاق لا يتضمن الالتزامات الاقليمية هو امر صحيح لكنه غير مفرح، فهم توقعوا ان تتنازل ايران عن دور القوى العظمى في الخليج ، او ان تتنازل ايران عن دعم اليمن و البحرين ،او تتنازل عن تمسكها بالرئيس الاسد في سورية ودعمها المطلق للمقاومة ، وبالتالي عندما يقول اوباما لا اتفاقات اقليمية رديفة للتفاهم النووي مع ايران هو لا يدخل الفرح الى (سلمان ونتنياهو واردوغان) بل بالعكس هو يصيبهم بالغمى ، وبالتالي ايران لن تتنازل عن حلفائها وثوابتها وخياراتها ولكن بالمقابل امريكا تقول كذلك الامر بالنسبة لحلفائنا من الاسرائيلي والتركي وبالنسبة للسعودي الذي لديه من الجنون و الغباء والحقد والعنصرية اسباب كافية لجعله الجهة التي تحمل المهمة ، والمهمة هي تجميع حلف المتضررين والذي يبدأ من الساحات المباشرة كالإخوان المسلمين في تركيا والعراق ، فكيف يمكن توظيفهم ، فالقوات اللبنانية ايضا من المتضررين اي بنتيجة التفاهم فلتمان الذي يقول ان حزب الله قوة استقرار وتشجيعه على ما يقوم به في حربه على الارهاب وجعله في حالة اكثر ارتياحا في الداخل اللبناني ليتمكن في مواصلة جربه على الارهاب ، فقبل ان تبلغ العلاقة الايرانية الامريكية المدى الذي يعرفه حلفاء امريكا وقبل ان تصل الحاجة الغربية لايران في مجال الحرب على الارهاب وفي مجال الاقتصاد وقبل ان يصل التحقق من صدقية تطبيق ايران للتزاماتها في الملف النووي ، اي خلال الشهور الستة الذي سيظهر من خلال التقرير لوكالة الطاقة والذي سيتم بموجبه الترجمة المباشرة لقرارات مجلس الامن وسلسلة الاتفاقات الواردة للتفاهم والتي تنص على رفع العقوبات الاساسية وخلال هذه الفترة يجب ان تخلق وقائع ، وهذه الوقائع تجمد اللعبة في مكان وهذه الوقائع يجب ان تكون قد ترجمت حالها بإمساك أوراق قوة ، مثال ان يسعى السعودي لتغيير الواقع العسكري في اليمن ولو تورط بجيشه ، وفي لبنان مهمة سمير جعجع لديه مهمتين المهمة الاولى ان تقول كل حديث عن تعديل الطائف هو خراب للمسحيين لان المسلمون في اي صيغة للنظام اللبناني سينالون ضعف ما سينالونه في الطائف ، والمهمة الثانية التي تقول ان سلاح حزب الله هو سلاح عدو وسلاح خارج نطاق الطائف وبالتالي الضغط على ميشال عون وحرب الله ، وايضا في سورية يحضر من تحت الطاولة فالسعودي يسلم المهمة للاسرائيلي والاردني هو يحمل الراية ولكنه يقف من خلف الستار ، فالسعودي يقوم بإمساك بكل الخاسرين والمربكين في المنطقة والشاعرين من اذا تدحرجت مسيرة العلاقة بين ايران والغرب في ابعادها الثلاثة من التطبيق النووي ومكافحة الارهاب والمصالح الاقتصادية.
بالمقابل فريق حلف المقاومة بعد توقيع الاتفاق النووي اي بعد ما ان حصلت ايران على ما تريد في البعد الدولي فهذه الشرعية التي حازتها لن تقدم تنازل للسعودية ولن يحلم فريق المستقبل وفريق 14 اذار في لبنان بان تذهب الحكومة في هذا الاتجاه فالجهوزية سوف تكون استباقية ، اما في اليمن الرياض سوف تقصف وتسقط القصور الملكية بالصواريخ ، وفي سورية سوف تسحق عظام الجماعات السعودية والهجوم المعاكس الذي بدأ في الزبداني وتدمر واطراف حلب ودرعا هذا عبارة عن تدحرج مستمر في مسح المناطق .
فإذا كنتم تريدون ان تروا فلايق الجيش والحرس الثوري الايراني تدخل الاراضي السورية وتشترك في عملية حسم سريع فاعبثوا بالذي تخططون له ، وعندما تحسم سورية الاحتياط لدى حزب الله يحسم في لبنان ، وامن السعودية سوف تشتريه من ايران .
الخلاصة ان التفاهم النووي ذاهب الى التطبيق ، فالغرب هو الطرف الضعيف في هذا الاتفاق وكما سيوقع سوف يطبق ، وحلفاء امريكا في المنطقة على ضفة الخسارة والسعودية تتقدمهم لتحمل راية التصعيد لان الافتراق بين الغرب وحلفائه سيتسع شقه بكل الابعاد ، وان الة السعودية مالا واعلاما ومذهبية ستستنهض كل الاطراف المتضررة وتضعها في مناخ الاشتباك والامريكي سيشجع هذا وهذا التشجيع سيؤدي اشتعالا في اليمن ولبنان ومحاولة لإعاقة تقدم الجيش في سورية والرد سيكون مزيد من التصعيد في اليمن وستكون الرياض وجدة تحت نيران الصواريخ ، ولبنان العبث في المؤسسة الدستورية تحديدا وفي موضوع التعينات الامنية اي استحقاق ايلول الذي يعني قلبا للطاولة ، وفي سورية الاشارات لمزيد من الجنون السعودي ستعني تدخل ايراني مباشرا يسرع في ساعة الحسم النهائي في سورية .
تحرير : بشرى الفروي
2015-07-21 | عدد القراءات 3145