بالرغم من أن التورط الإسرائيلي في ما يجري في العالم العربي والمنطقة لم يكن خافياً على أي من المتابع لمجريات الأحداث ،قبل أن يتطور التدخل وتشهد الأجواء السورية واللبنانية اختراقات لطائرات عدو ، باتت عداوته مجرد وجهة نظر قابلة للنقاش لدى العديد من منظري ثورات العرب ،التي لم يبقى من أسمائها وألوانها سوى دماء بريئة أريقت على امتداد الجغرافيا ودمار لبنية تحتية ،يتطلب إعادة إعمارها ميزانيات وعقود من العمل ،والدخول في حروب بالسياسية لا تقل ضراوتها عن حروب الميدان.
على مدى السنوات الخمسة من عمر الأزمة السورية يجاهد منظرو الثورة المزعومة في إخفاء العلاقة العضوية مع العدو الإسرائيلي ،بالرغم من الظهور العلني لقيادات الصف الأول على القنوات العبرية مقدمين الضمانات وولاء الطاعة وحسن الجوار ،فيما تهافت على الأرض قادة الميدان لمساعدة مراسلي الوسائل الإعلامية العبرية على الأراضي السورية الخاضعة لسيطرتهم ،معبرين عن سعادتهم للقاء صديق حرموا منه طوال عقود ،كل هذا قبل أن تصبح مشافي تل أبيب ملاذ جرحى الثورة السورية لدوافع محض إنسانية ،دفعت رئيس وزراء كيان العدو لزيارة المصابين في مشافي إخوانهم في الفكر والسلوك والانتماء،وكنوع من رد الجميل كان لا بد من استهداف ثوار سورية قواعد الدفاع الجوي السوري ،لتسهيل مهمة الطائرات الإسرائيلية بدعم الثورة والثوار في نيل حقوقهم.
منذ الغارة الأولى للطائرات الإسرائيلية على الأراضي السورية تسارعت تحليلات المعارضة السورية على إبعاد شبهة دعمها ،بتبرير سلوك العدو بأهداف استراتيجية خاصة به كوقف إمداد السلاح عن حزب الله عبر ريف دمشق ،وإيعاد النفوذ الإيراني عن حدود الكيان ،ولعل الغارتين المتزامنتين للعدو الإسرائيلي على الحدود اللبنانية السورية وفي القنيطرة تكشفان نقيض ما يروج له أنصار العدو الإسرائيلي في صف المعارضة السورية ،فالغارة على قرية خضر في ريف القنيطرة استهدفت 3 عناصرمن اللجان الشعبية،فأي تهديد لتلك اللجان على أمن كيان العدو سوى محاربة أدواتها ،فيما استهدفت الغارة على الحدود اللبنانية السورية مركز تدريب تابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في قوسايا ودمرت مستودع ذخيرة في الموقع الذي لعب دور بارز في معارك القلمون و الزبداني،والتي شهدت تققهر جبهة النصرة والمجموعات الإرهابية ،فما الرسالة التي أراد طيران العدو إيصالها للفصائل الفلسطينية باستهداف المقر؟،وأي فرق بين سلوك العدو وسلوك النصرة وداعش في مخيم اليرموك ؟، ومن أعطى الأوامر بضرب المركز لمنح النصرة مزيداً من إمكانية الحركة في القلمون؟،ولو صدقت مزاعم تل أبيب بالتخوف من الجماعات الجهادية ،لما ضربت من يحاربها وبذلك تسقط الغارة كل ذرائع العدو والمعارضة السورية بغياب التنسيق ،والعمل في صف واحد لتشكل جبهة النصرة وغيرها من المجموعات خط الدفاع الأول لمصلحة العدو ،تستحق من أمير النصرة الحقيقي موشيه يعالون إصدار قرار بضرب من يحارب جماعته.
كما على الأرض باتت الأمور مكشوفة كذلك في السياسة ،وصلت الأطراف المراهنة على الحرب والعمل العسكرية لنتيجة مفادها استحالة التقدم في خياراتها ،هذا ما أكده المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان ديميستورا، واقترح إنشاء مجموعات عمل سورية – سورية لتفعيل بيان جنيف 1 كقاعدة للحل السياسي للأزمة السورية ،وهو ما دأبت الحكومة السورية السعي لتحقيقه سواء عبر لقاءات موسكو أو طهران دون أن يلقى أي أذان صاغية لدى الرؤوس الحامية الساعية لتسعير الحرب في سورية ، دميستورا الذي أكد على ضرورة الالتزام بمكافحة الإرهاب كأولوية وفق قرارات الأمم المتحدة ينسجم أيضاً مع رؤية دمشق.
ما بدأ ديميستورا بقوله أكمله مدمن القلق الأممي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ،بأن الأحداث التي تشهدها سوريا أدت إلى ظهور تنظيم داعش على أمل أن يمتلك الجرأة يوماً لوضع الأمور في نصابها ،ويكشف رعاة ذلك التنظيم الحقيقين من ممالك ودول وإمارات.
بعد خمس سنوات عجاف من الحرب على سورية تعود كل الأطراف الساعية لإيجاد حل للأزمة السورية ،وتلك التي أججت الحرب لتعترف بصحة الرؤية السورية لما يدبر ضدها،والتي أعلنتها دمشق منذ اليوم الأول مؤامرة إسرائيلية بأدوات محلية إقليمية عالمية.
سنوات من الحرب تنصب موشيه يعالون أميراً لجبهة النصرة فيما يرغم الصمود السوري بان كي مون وستيفان ديميستورا لمبايعة دمشق لصدق رؤيتها لمجريات الأمور.
2015-07-30 | عدد القراءات 2477