ليس مهما أن تكون المسارات السياسية التي تنطلق على مستوى المنطقة على درجة من التطابق مع الطموحات التي يريدها الناس التواقون للخلاص من حروب الدم والخراب لأن الحقيقة الأكيدة هي أن التغيير السياسي الذي يؤدي إلى نتائج أمنية لا يملكه في اليمن منصور هادي وفريقه بينما من يقاتل في الميدان بوجه الجيش والحوثيين مقاتلو القاعدة ويحميهم من البحر والجو الطيران السعودي ، كما لا يحدث التغيير في سوريا الإئتلاف المعارض الذي لا يملك شيئا في الميدان ومن يقاتل بوجه الجيش السوري والمقاومة هم مقاتلو النصرة وداعش ومن خلف الحدود يحظون بدعم وتسهيلات سعودية وتركية وإسرائيلية وأردنية وفي العراق لا يملك إحداث التغيير زعماء عشائر الأنبار المتصلون بالإدارة الميركية والمتحفظون على دور الحشد الشعبي والقتال يجري بوجه داعش ومن خلف الحدود قدر كبير من الإستناد إلى التسهيلات التي يتيحها العمق التركي .
التغيير الذي يمكن أن يحدث فرقا هو تحول القرار السعودي والتركي بصورة رئيسية من تقديم الدعم لتنظيمات الإرهابية والرهان على هزيمة سوريا و محور المقاومة ومن ضمنه إيران والحشد الشعبي العراقي والحوثيين و الإنتقال من الإعتماد على هذه التنظيمات لتحقيق الإنتصار الموهوم في العراق أو سوريا أو لبنان أو اليمن .
السؤال الرئيسي هو هل أن التفاهم على الملف النووي الإيراني خلق لدى واشنطن قناعة بان وقت أولوية الحرب على الإرهاب قد حان وأن التوقيع على التفاهم النووي يلغي مبرر المواصلة في الرهان على الحروب التي تشنها القاعدة ضد إيران وحلفائها أملا بتحسين الوضع التفاوضي طالما ان المفاوضات قد إنتهت بصدد الملف النووي ولن تتغير توازناتها في المفات المتصلة بمستقبل سوريا والعراق واليمن ولبنان ولو بقي الإرهاب يقاتل ألف عام ومن جهة مقابلة صارت كلفة هذا الإرهاب ومخاطر تجذره وتهديده لأمن الغرب والمنطقة وفقا لحساباته الخاصة ومشروعه الخاص أكبر من أن يجري التهاون معها وغض النظر عنها و مواصلة التغاضي في هذه الحالة تعني ملاقاة الخطر ؟
المنطق يقول نعم كبيرة ، هذا إضافة إلى أن الحزب الديمقراطي الأميركي المحشور إنتخابيا والعاجز عن المخاطرة بدخول إنتخابات مفصلية يحتاج من الرئيس باراك اوباما سلاحا أقوى من التفاهم النووي ليربح الإنتخابات لأن التفاهم النووي بذاته لا يحقق إبهارا للرأي العام في ظل ما يعنيه من مؤشر ضعف أميركي بينما الحرب على داعش وتحقيق إنتصارات في حرب الإرهاب لها هذه المفعول .
السؤال الثاني هل باتت تركيا والسعودية تشعران أنهما في مأزق حيث حربهما على سوريا خصوصا بلا أفق والإرهاب يهدد كل منهما بقوة وبالمقابل لكل منهما مستنقع يغرق فيه ويريد مخرجا فتركيا أمام المأزق الكردي والسعودية أمام ال/أزق اليمني وليس سوى تسويات كبرى وإنخراط في الحرب على افرهاب يمكن أن تشكل غطاءا للتنصل من فواتير الخسائر ؟
الجواب المنطقي أيضا هو نعم والمؤشرات تقول أن الحركة الأميركية والورسية الضاغطة لتسريع هذه النعم تستند إلى مصالح ورؤى وقدرات لا يمكن بدونها لتركيا والسعودية خوض حرب منفصلة وكيدية وبلا أفق ضد سوريا .
الإرهابيون الذين يظهرون للبعض كقوى خارقة أظهرتهم المعارك نمر من ورق وأظهرت أن قدراتهم المالية وليس المعنوية هي مصدر الهالة التي صنعوها ويكفي أن يقطع عنهم حبل الصرة التركي السعودي حتى تصير الحرب عليهم اسهل وافعل فيما الإنتصارات تتحقق عليهم قبل هذا التحول .
مشكلة تركيا والسعودية عنجهية الخطاب الوهابي والعثماني والغطرسة والسقوف العالية التي رفعوها ، بحيث أن اي تراجع عليهما صعب فكيف بالتراجع عن هذه السقوف والتسليم بالهزمية في سوريا ؟
الوقائع تقول أن التراجع بدأ بطيئا لكنه بدأ وأن الأيام القادمة ستشهد المزيد من التراجعات وتصبح الحرب التي يخوضها محور المقاومة على الإرهاب أسرع في تحقيق الإنجازات
2015-08-03 | عدد القراءات 2595