هل انتهى زمن الحروب في المنطقة ..... مقدمة نشرة أخبار توب نيوز بقلم سعد الله الخليل

رغم التباين الكبير بين خطابي الرئيس الأميركي باراك أوباما في الجامعة الاميركية بواشنطن ،وكلمة الرئيس الإيراني حسن روحاني أمام مواطنين جنوب غرب طهران حول التفاهم النووي ،ثمة تقاطعات واضحة لا يمكن تجاهلها في الرغبة بالسير في مناخات التهدئة والتسويات السلمية للملفات الإقليمية ،كمفاعيل للاتفاق النووي الإيراني وإن اختلفت الصياغات والمبررات وطريقة الاستعراض وفق ما تفتضيه الظروف والموجبات.

ضمن سعي أوباما لتسويق الاتفاق النووي الإيراني عول على ربط التاريخ بالحاضر ،مستفيداً من رمزية الجامعة الأميركية في واشنطن والتي شهدت خطاب تاريخي للرئيس الاسبق جون كنيدي عام 1963، أعلن حينها اتفاق حظر التجارب على الاسلحة النووية مع الاتحاد السوفياتي بعد فترة زمنية قصيرة من الاتفاق على الصواريخ الكوبية ،ليوحي بأن التاريخ يعيد ذاته بضرورة إنهاء زمن الحروب خاصة بعد عودة الدفء للعلاقات مع كوبا ،متهماً خصومه بتقوية ايران عبر تسويق عقلية الحروب وافتعال جولات معارك سمحت لطهران بإزاحة عدوها التقليدي صدام حسين ،بما يخالف الوقائع السياسية التي تؤكد بأن حروب صدام حسين وسياساته خلال عقود حملت المباركة الأميركية ،وبالرغم من تزوير أوباما التاريخ الحديث الذي يدرك أنه لا يعني السواد الأعظم من الأميركيين عبر وصف حروب جورج بوش الأبن مروج مصطلح "محور الشر" خدمة لإيران ،التي اعتبرها بوش قلب المحور ، إلا أنه أقر بجوهر الاتفاق الذي أغلق أبواب الخيارات العسكرية ضد إيران إلى غير رجعة محذراً من التفكير بعدم رفع العقوبات والذي يعني عدم الاتفاق بحسب أوباما.

بالرغم من تكرار أوباما خلال السنوات الماضية بإنهاء الحروب في عهده الذي سجل أكبر موجة من الحروب العابرة للقارات ببصمات أميركية ، فإن الخطاب الأخير امتاز بالوضوح ووضع الأمور في سياقاتها بدأ من المصالح الأميركية ،وانتهاء بالمعارضة الإسرائيلية للاتفاق والإقرار بالمكاسب المالية لطهران جراء التوقيع، وصراحة أوباما لم تأتي من رغبة

ذاتية بقول الحقيقة بل تتويجاً لتفاهمات وتوافقات في السير بخطى إنهاء الحروب ،تكشف تفاصيلها رويداً رويداً سواء من طهران أو الدوحة أو عمان التي من المتوقع أن تلعب دوراً محورياً خلال الفترة المقبلة بما يشبه الدور الذي لعبته بتقريب وجهات النظر حيال الملف النووي الإيراني وإن كان كلام وزير الخارجية الروسي في العاصمة الماليزية يوحي بتفاهمات في الجوهر ،وخلاف في تفاصيل قد تدخل الشياطين لملف مكافحة الإرهاب المثقل بالشياطين أصلاً ما يعني بأن حل الأزمة ليس قريباً إنما على سكة التفاهمات الإقليمية الدولية.

خطاب الرئيس الإيراني قدم الإجابات الشافية وقال ما عجز أوباما عن قوله ،حين أكد بأن اسرائيل ارتعبت ثلاث مرات عند انتصار الثورة الإسلامية في طهران ،وما يعنيه سقوط الشاه حليف أميركا الأول في إيران ،والثانية دفاع الايرانيين عن أرضهم بوجه حليف واشنطن الثاني صدام حسين في حرب السنوات الثماني ، والمرة الثالثة بالتوصل لاتفاق فينا بين طهران والسداسية الدولية" ،وهو ما يكشف جوهر التخوف الإسرائيلي من الاتفاق الذي وضع إيران في مصاف الدول الكبرى ،بعيداً عن تخريفات نتنياهو عن السلاح النووي.

وفيما تطوي الأطراف الكبرى صفحة حروبها تغرد أنقرة وحيدة في سرب الحروب بحثاً عن حِجَةٍ والحُجاج عائدون ،بإعلان وزير خارجيتها أن بلاده ستبدأ بمحاربة تنظيم "داعش" في الشمال السوري ، بالتعاون مع الولايات المتحدة مستفيداً من زخم زيارة نظيره الأميركي جون كيري بما لا يتماشى مع توجهات أوباما بإنهاء الحروب ،وهو ما يضع التصريحات التركية في سياق من سياقين إما محاولة توريط آردوغان في معركة، تدرك واشنطن أنها خاسرة ، أو رسالة تطين للحليف السعودي للمضي بحربه في اليمن لحين إنضاج ظروف تسويتها.

حروب تطوى صفحتها وأخرى تلوح في الأفق ولو افتراضياً وعلى المنابر فيما تمضي سوريا وحلفائها في رسم استراتيجياتها للمنطقة وإدارة معركتها وفق متطلبات الواقع الميداني الذي يكشف يوماً بعد يوم صحة رؤيتها للأحداث والتطورات.

 

2015-08-06 | عدد القراءات 3002