لن يتحقق التموضع التركي السعودي على خط التسويات ما بقيت آمال الطرفين بدعم وتضامن أميركي مع ألحلام والطموحات بمد اليد إلى الصحن السوري وتوظيف ذلك في حجز مقعد أقوى في المعادلة الإقليمية ، صفعة أميركية تعيد الواقعية تقول لا ، تتبعها يد روسية ممدودة وقدر من التسهيل الإيراني يمكن ان تتكفل بتأهيل السعوديين والأتراك للتموضع والواقعية ، هذه قراءة خبير روسي بشؤون المنطقة وتفسيره للتكتيكات المتفق عليها رغم الخلاف بين واشنطن وموسكو وطهران .
على هذا الطريق كانت الصفعة القوية التي تلقاها برنامج الرئيس التركي رجب أردوغان للتدخل في سوريا بواسطة ما أسماه تقديم الغطاء الناري لمقاتلي من أسماهم المعارضة المعتدلة بمواجهة داعش ، أو لملء المناطق التي سيخليها التنظيم بفعل الضربات التي توقع الرئيس التركي أنها ستكون الأشد إيلاما ، موجها الإنذار للجيش السوري من أي إعتراض لهم لأن الرد سيكون قاسيا ، مستقويا بما قاله رئيس حكومته داوود أوغلو عن تفاهم تركي أميركي عل تفاصيل الحرب الشاملة ضد داعش ، وبعد المواقف الروسية والإيرانية الواضحة بوقوفها مع سوريا في مواجهة أي عبث بجغرافيتها ووحدتها الترابية وتمسكها بمفهومها للسيادة الوطنية وإعلانها الإستعداد للمواجهة مع كل من يتخطى حدود هذه السيادة وينتهكها ، لخص وزير الخارجية الروسي موقف بلاده بعبارة ، لسنا متفقين على رؤية واحدة لمواجهة داعش ، ما يعني القول للأميركيين ، إذا كان هذا هو مفهومكم السير وراء أردوغان فعليكم أن تقلعوا شوككم بأيدكم ، وتبعه رد إيراني قال إن أي تدخل في أراضي دولة بذريعة مواجهة الإرهاب يستدعي التنسيق مع حكومتها ، تراجعت واشنطن خطوة إلى الوراء دون أن تعلن فسخ التفاهم مع أردوغان ، بل بتوجيه صفعة قوية لخطابه ومشروعه القائمين على نظرية دعم المعارضة المعتدلة بالتعاون مع الأميركيين ، فخرج المتحدث بلسان البيت الأبيض ، ليقول أن برامج وزارة الدفاع لتدريب مقاتلي المعارضة المعتدلة قد فشلت فشلا ذريعا ، وقال لقد تم القضاء وإعتقال وإختفاء نصف فرقة المقاتلين حتى قبل أن يحتكوا بتنظيم داعش ، وقد كلف إعداد هؤلاء المقاتلين الستين الذي يطلق عليهم إسم الفرقة ثلاثين ، إثنين واربعين مليون دولار ، خلال شهرين فقط ، مضيفا أن وكالة المخابرات الاميركية تجري تقييما لبرنامج تدريب خمسة آلاف من هؤلاء المقاتلين ربما ينتهي بصرف النظر عن المشروع في ضوء النتائج المخيبة للآمال .
بالتزامن مع الخيبة التركية ، والتراجع الأميركي ، كان حدث الأمس هو التوضيح الصادر عن مصدر سعودي يؤكد حدوث اللقاء بين مسؤولين سوريين وسعوديين ويعرض مشروعا للتفاهم عنوانه خروج السعودية من الحرب على سورية مقابل إنسحاب مقاتلي حزب الله ومناصريهم من المتطوعين من هذه الحرب ، متهربا من معادلة كان يمكن أن تلقى آذانا صاغية لو تضمنت الإنسحاب الشامل بشراكة إقليمية دولية لجيمع المقاتلين غير السوريين ، ، لأن السعودية تعلم جيدا ما سبق وقاله حزب الله من ان قتاله في سوريا جاء ردا على هذا التدفق للمقاتلين من غير السوريين ، لكن التوضيح بذاته خطوة إيجابية لإقراره بحدوث اللقاء مع النظام الذي قال دائما ان لا لقاءات معه ولا إستقرار في المنطقة إلا بزواله ما يعني إقرارا بالفشل والهزيمة والعودة للواقعية والبحث عن المشتركات .
وبالتزامن كان الحديث عن تصاعد الفرص أمام تسوية في اليمن بعدما منحت السعودية إيرانيا ، بتدخل روسي ، فرصة التقدم في عدد من المواقع التي قاتل فيها الحوثيون قتالا تراجعيا قال فيه السيد عبد الملك الحوثي أنه لا يغير التوازانات ، ما يفسر ربما التراجع السعودي في كلام المصدر الرسمي عن وضع العلاقة السورية الإيرانية عائقا أمام تطبيع العلاقات السورية السعودية ، كما يفسر كلام المبعوث الأممي في اليمن ، عن تفاؤله بقرب وضع مبادرة مقبولة من جميع الأطراف قيد التطبيق .
هذه الحاجة للصفعات الأميركية يجب أن تتحول إلتزاما ليسير خط التفاهمات مقابل ما يبدو حرصا روسيا على اليد الممدودة وتجسيدا إيرانيا لإفساح المجال لحفظ ماء الوجه ، لأن العكس يعني عودة التصعيد فاليد الأميركية الممدودةستعن ي إضطرارا إيرانيا روسيا للعودة للغة الردع .
2015-08-08 | عدد القراءات 3364