محاضرة في العفة والعفاف فاقت بسلاطتها بلاغة المتحدثات في العفاف ،ساقها رئيس حكومة النشامة عبد الله النسور خلال مؤتمر صحفي مع نظيره اللبناني تمام سلام ،لإبعاد الشبهات عن تورط بلاده في الحرب على سورية.
النسور وبعد خمس سنوات من التورط المفضوح في الساحة السورية يؤكد أن لا مطامع لبلاده في " تراب سوريا " ،ولا منظمات تعمل لحسابها في الداخل السوري ولا حتى جواسيس ، وهو في ذلك ربما يصيب كبد الحقيقة في المجاز اللغوي والشكلي ،فالمملكة لم تركز عملها في الداخل السوري ،بل جعلت من الأراضي الأردنية ساحة حرب عالمية ضد سورية ،تستثمرها في السياسة والأمن والاقتصاد والشأن الإنساني ، فباتت كل القرارات السياسية مباحة للملكة تحت ذريعة حمايتها من ارتدادات ما يجري في سورية، وتحولت مخيمات النزوح لمصدر رزق وأبواب تسول من الدول المانحة ومن أكثر خبرة من القيادات الأردنية في هكذا مسائل كونها بلد قائم على المساعدات المالية ،حتى وصلت مستويات التسول الأردنية لطلب حكومة النسور ،تغيير شبكات الصرف الصحي والطرق التي مضى على أخر صيانة لها أكثر من عشرين عاماً على نفقة الدول المانحة ،لما تسببه النازحين السوريين من ضغط عليها براي خبراء التسول الدولي ،وشيئاً فشيء تحولت مخيمات النازحين لواجهة إنسانية تخفي ورائها معسكرات تدريب للمسلحين وسوق تجارة بالبشر ، فيما استقطبت غرفة عمليات "موك" ضباط من أجهزة مخابرات لأكثر من 14 دولة عربية وغربية وصهيونية ،وسهلت إدخال جواسيس تلك الدول لإدارة المعركة ضد الدولة السورية ولم تدخل استخباراتها كونها حكومة ودولة مؤسسات استخبارات بحد ذاتها.
صدق النسور بغياب المطامع الأردنية بالتراب السوري ليقينه التام بأنه تراب سورية غير قابل للسرقة ولا المس قبل وبعد الأزمة ،ولإدراكه بأن بلاده عبر عقود خلت ،لم تترك إلا التراب ولم تسرقه من سورية فمياه اليرموك والكهرباء من سورية والبضائع وجزء كبير من السلع سورية المصدر.
لم تغلق الحكومة الأردنية المعابر الحدودية فسمحت لجبهة النصرة بالدخول منها للسيطرة على معبر نصيب ،أخر المعابر الحدودية السورية الأردنية والتي يتباكى عليها النسور ويمني النفس بإعادة افتتاحها ،ربما لإدخال دفعة جديدة من مسلحي ما
تروج له واشنطن تحت مسمى معارضة سورية معتدلة إلى الداخل السوري ،ليصرف ملك المملكة الهاشمية ثمن الصفقة في نوادي القمار مونت كارلوا ولاس فيغاس.
وفق ملك النسور المفدى باختيار عبد الله رئيساً لحكومة بلاده فكنيته مرآة لواقع المملكة، لما يُعرف عن النسور لدى العرب بأنها من المخلوقات الوضيعة لما تتصف بها من الجبن وتخصصها بالتعامل مع الفرائس الميتة ،ولأن عصور الانحطاط تجعل من الجبناء قادة تحولت النسور لرمز الشجاعة والصمود والإقدام ويتسلم القيادة ويتطاول على العقاب.
ربما من حسن حظ النسور أن ضيفه رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام قضت السنين والسياسة على شعر رأسه ،إلا أن ذاكرته السياسية ما تزال تحتفظ بالكثير من كواليسها ويعلم جيداُ خفايا السياسات الأردنية على مدى عقود ،بما يكذب كلام النسور ويضطر سليل آل سلام لشد شعره للتأكد بأنه في الواقع ،وما يسمعه ليس بأوهام وأمام صمت سلام ، ثمة من يقول باللهجة الأردنية " بالله عليك أسكت بهدلتنا بين العربان".
2015-08-13 | عدد القراءات 2329