تبدو التسويات تتعثر إقليميا لصعوبة التأقلم مع الخسائر التي مني بها حلفاء واشنطن بعد حرب تغيير الشرق الأوسط خلال خمس سنوات لفرض معادلة قوامها تقامس تركي سعودي إسرائيلي لدول المنطقة بدأ من سيطرة الأخوان على الحكم في دول عديدة تقدم الأمن لإسرائيل و إنتهاءا بإسقاط سوريا .
سلمت أميركا بالعجز عن إحداث هذا التغيير ووصوله لطريق مسدود فذهبت لتوقيع التفاهم النووي مع إيران كفاتحة لخط التسويات ، وتقاسمت مع موسكو مهمة إنزال السقف العالي لحلفائها فكانت أول محاولة للقاء سوري سعودي و سقطت تحت ضربات التهديد الإسرائيلي بإبعاد السعودية عن المجموعات المسلحة والتفرد الجنوب السوري من جهة والنزاعات في العائلة المالكة من جهة أخرى ، وبقيت تركيا وإسرائيل رغم العجز عن الحروب الكبرى تحاولان رسم خطط التدخل لفرض الحضور في المعادلة الإقليمية الجديدة دون التسليم بأن ما كان ممكنا من قبل لم يعد ممكنا اليوم .
بينما تصعد إسرائيل على جبهة الجولان إستدراكا منها للتسلسل الذي يحكم القضاء على جبهة النصرة جغرافيا من الزبداني إلى القنيطرة ، وسعيا لترجمة تحذيرها للسعودية من اي مساع تسووية بتأكيد إمساكها بورقة الجماعات المسلحة جنوب سوريا ، وتقديم الدعم والمساندة لها بما لا يستطيعه سواها ، كانت التطورات اليمينة تحاصر السعودية والإمارت وسط حرب إستنزاف بدأها الجيش اليمين واللجان الشعبية ، بعدما قرر أنصار الله تبديل تكتيكات المواجهة من الإمتصاص إلى الردع ، فأسقطت الدفاعات الجوية اليمنية أول طائرة اباتشي سعودية وقتل طاقمها ، بينما دمرت وحدات صواريخ الكورنيت أربع دبابات سعودية وثلاثة سيارات هامر إماراتية على مداخل محافظة ابين .
وسط خلط الأوراق الواضح الذي تشهده المنطقة بسرعة ، ويسعى الجميع فيه إلى إمساك المزيد من أوراق القوة ، بدا أن التعاون التركي الإسرائيلي بجعل غزة الدولة الفلسطينية البديلة والوحيدة ، قد قطع شوطا مهما ، بإعتراف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بتقدم هذه المفاوضات تحت عنوان مقومات الدولة من مرفأ ومطار ومعابر مقابل وقف المقاومة لمدة طويلة قالت مصادر فلسطينية أنها تمتد لخمس وعشرين سنة . وظهر أن المقايضة تتقدم وأن ورقة إسرائيل الرابحة قد تكون في هذا التفاهم وصولا لتسويره وتحصينه مع الجولان بقرار أممي يشبه القرار 1701 في جنوب لبنان ، بينما تسعى تركيا لجعل غزة عاصمة الأخوان في المنطقة لضمان حصة في مصر وليبيا من جهة وضمان تغطية أميركية مقابل دورها في ترتيب الأمن الإسرائيلي لتوجيه ضربات قاصمة للأكراد تساعد في الفوز افنتخابي للرئيس التركي للخروج من مأزق الحكم .
تحاول روسيا واميركا تحويل عنوان التحضير لجنيف 3 للحوار حول الحل في سوريا إلى مبرر لتشكيل مجموعة الإتصال التي تضم السعودية وتركيا وإيران التي تسهل جلوس هذه الأطراف على طاولة التفاوض دون ان تدفع كلفة عالية لهذا التفاوض .
يبدو أن الحقائق الوحيدة التي ستفرض التأقلم على حلفاء واشنطن تأتي من الميدان حيث مع ما بدأ في اليمن يستعد الجيش السوري والمقاومة لمواجهات تحسم بعد الزبداني مواقع لا تقل اهمية .
2015-08-22 | عدد القراءات 3270