السياسة تنتظر التعب السعودي قبل الإنتخابات التركية - ناصر قنديل

ليس سرا أن إرتباكا أصاب السعودية مع التوقيع على التفاهم النووي مع إيران ، وأن الشعور   بالخيبة والخذلان تجاه العلاقة بواشنطن جمع كل المسؤولين السعوديين وثيقي الصلة بأميركا  وأصحاب رهان أحادي عليها في العلاقات الدولية  ، كما ليس سرا ان الموقف المعلن للسعودية لجهة بث المخاوف  من اي  تفاهم  على الملف النووي مع إيران دون ضمان تغيير في سياساتها الإقليمية  خصوصا ما يتعلق  بسوريا والعراق  واليمن ولبنان يعني تشجيعا لهذه السياسات و تحويل  المكاسب التي ستحققها إيران جراء التفاهم لتعزيز هذه المواقع الحليفة لإيران التي تسبب الإرباك والفشل وتصيب بالخسائر حلفاء واشنطن التقليديين ، وبمثل  ما كان  هذا موقف السعودية كان كذلك موقف إسرائيل وتركيا ، ونشأ تحالف وثيق لضرب فرص التفاهم سواء بالضغط على البيت الأبيض  عبر الكونغرس باللوبيات الإسرائيلية والنفطية والتمويل السعودي ، أو بإغراء القيادة الأميركية للتريث  بإظهار ما يستطيعه الحلفاء لتغيير موازين القوة بوجه إيران ، ومع زيارة الملك السعودي لواشنطن كان كل شيئ  على الطاولة ، من ملفات وقضايا ، لكنها كلها  تحتمل المسايرة والمداورة ، وقول عكس  ما ستكون عليه الأفعال إلا الملف الرئيسي الذي يقرر فعليا مصير سواه ، وهو الملف النووي  والموقف  من التفاهم مع إيران حوله ، فالتراجع السعودي هنا إستسلام لواشنطن ، ولاقيمة إلى جانب الإعلان عن دعم التفاهم النووي  مع إيران لأي كلام سعودي آخر .

بعد لقاء الملك  سلمان بن عبد  العزيز مع الرئيس باراك أوباما خرج وزير الخارجية السعودية يقول  كلاما  كثيرا يجتر فيه مواقف سابقة  ، لكن الجملة الذهبية  كانت ، أن السعودية ترى الإتفاق النووي  مصدرا للإستقرار في المنطقة .

خسر الملك مقامرته  اليمينة ومغامرته السورية فأعلن الإستسلام في واشنطن ، وحصل على المهلة اللازمة لترتيب أموره قبل ان تصبح تركيا خارج الحروب بعد إنتخاباتها القادمة وتصير حليفا ضد داعش فقط كما ترغب أميركا  ضمنا ويعرف السعوديون ضمنا ، ويصير البحث بالحلول السياسية لسوريا واليمن على نار هادئة لتمكين السعودية  من الإنخراط في أطر للحلول دون القبول بهذه الحلول ، كمثل القبول بالشراكة في لجان  الإتصال الخاصة بجنيف 3  دون القبول بالإنخراط مع الدولة السورية في تفاهمات ، وترك الأمور  تسير نحو إنتخابات ترتضيها المعارضة وترمي السعودية بثقلها المالي والإعلامي لدعمها لكنها تتقبل سلفا خسارتها أهون من أن تعلن تراجعها على الملآ .

في الإتجاه نحو الحلول السياسية ببطء ، كان الأبرز كلام  الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن  الشراكة السياسية والعسكرية مع الرئيس السوري بشار الأسد ، سواء لجهة التفاهم على مبادرات سياسية من بينها إنتخابات مبكرة ، كما قال ، أو بتأكيد ما قاله  وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن الجيش السوري  كقوة لا يتقدمها أحد في الحرب على الإرهاب .

في المسار اليمني المؤرق للسعودية ، نزف جيش دولة الإمارات دما غزيرا ، بسبب تورطه في الحرب  إلى جانب  السعودية فنعت  وزارة الدفاع  الإماراتية سقوط خمسة واربعين من ضباطها وجنودها قتلى بنتيجة سقوط صاروخ في قاعدة إماراتية في مأرب ، بينما أكد الجيش اليمني أن الخسائر تتصاعد  في صفوف الجيشين السعودي  واليمني  وسط  تكتم شديد  وأن أغلبها في سلاح  المدرعات التي تستهدفها مجموعات صواريخ الكورنيت ويسقط فيها يوميا جنود وضباط وتحترق آليات ، بنيما  تشير مصادر وزارة الخارجية العمانية من مسقط  إلى مناخات إيجابية للتفاوض الدائر حول شروط  الحل السياسي  حيث التقارب بين الورقتين التي تقدم بها الحوثيون والسعوديون تخطى الكثير من التعقيدات .

2015-09-05 | عدد القراءات 3409