من البوابة الإنسانية والعسكرية تركزت جملة التصاريح والحملات الإعلامية التي تداولت الشأن السوري , فبين قضية اللجوء الإنساني وصحوة الغرب المفاجئة حيال مأساة السوريين التي انتصف عامها الخامس , ومسألة الدعم العسكري الروسي لسورية والتي لم تأتي الحملات بجديد حول التسليح والدعم الروسي للجيش العربي السوري والذي يعود لعقود ما قبل الأزمة السورية.
في زمن تصنيع الثورات والحملات والمواقف والأزمات والرأي العام وغير العام وكل ما يخطر على بال متابع وما لا يخطر, ثمة رابط واضح بين إثارة القضيتين في وقت متزامن للاستثمار السياسي في الشأن السوري والعلاقات الدولية من البوابة السورية كون القنوات السياسية والدبلوماسية والإعلامية المسوقة للقضيتين واحدة , وإذا كان التزامن والاستثمار من الثوابت , فربما من قبيل الصدفة أن تتصدر الدفاع عن القضيتين سيدتان تسرقان الأضواء رغم الفارق الشاسع بينهما من حيث المرامي والأهداف , فبين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأم الحنون للراغبين في الحصول على وطن بديل بعيداً عن ويلات الحروب وآهات شلال الدم النازف على امتداد الجغرافيا السورية , وبين المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا والتي تكرر ظهورها شبه اليومي لتوضيح الموقف الروسي مما تتداوله وسائل الإعلام حول العلاقة العسكرية الروسية السورية رغم أن السيدتين تشتركان بأنهما أول سيدة تتسلم منصبها.
تنصب سياسات ميركل زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والتي تتصدر قائمة أقوى امرأة في العالم منذ خمس سنوات على تحسين علاقات بلدها مع الولايات المتحدة حيث تماهت مواقفها مع موقف أميركا , ودعمت سياساتها الخارجية في حروب أفغانستان والعراق , بما يعني عدم خروج موقفها من قضية اللجوء عن عباءة المشروع الأميركي المرسوم للمنطقة بتفريغها من مكوناتها البشرية والحضارية والاقتصادية لتكتمل دورة الإرهاب الواضحة فواشنطن تصنع القاعدة والسعودية تمول وتتولى نشر منتجاتها من داعش والنصرة وخراسان وجيش الأمة والإسلام والفتح والفرقان ما أنزل الله من أسماء تتكاثر بفعل الانشطار وتنمو في الجسد السوري بفعل مال سعودي رهين الخزائن الأميركية ترتكب المجازر بحق البشر والحجر والتاريخ والحضارة , فيدرك أبناء الوطن السوري أن لا مستقبل ينتظرهم في بلدهم ليأتي دور الأم الحنون ميركل , فاتحة ذراعيها لتستقبلهم في الفردوس المفقود في بلادهم ولا تغفل دورة الإرهاب من تفريغ السوريين من مدخراتهم في جيوب مافيات تهريب البشر لتفعل مفعولها المزدوج بإرهاق المهاجرين مالياً واستنزاف الاقتصاد السوري من العملة الصعبة.
بالمقابل فإن زاخاروفا القادمة لعالم الدبلوماسية من المجلس الروسي للسياسة الخارجية والدفاع , والحائزة على درجة دكتوراه فلسفة في علم التاريخ ، تجسد سياسات روسيا الثابتة في التعاطي مع الأحداث السورية والمبنية على عقود من التعاون العسكري والاقتصادي والسياسي الثابت المعالم القائم على الرؤى الواضحة , و قد تعاطت مع الأزمة السورية منذ بدايتها وفق مقتضيات الأمور فتدرجت في مواقفها من دعوة الأطراف السورية حكومة ومعارضة لضبط النفس بداية الأحداث إلى الدعوة لوقف تسليح المجموعات الإرهابية تحت مسميات المعارضة المعتدلة إلى
استخدام الفيتو لمنع إسقاط سورية بقرارات أممية إلى طرح ورقة السلاح الكيميائي بوجه شن حرب على سورية وها هي تعلن موقفها الصريح من توريد السلاح للجيش السوري ولا تجد حرجاً في إظهار مواقفها من أية تطورات في المشهد.
بين فاتنتين ألمانية وروسية تمضي الأزمة السورية في يومياتها فيما يحسم السوريون خياراتهم بين مهاجر إلى أحضان ميريكل الأم الحنون ومتمسك بوطنه بانتظار تطورات المشهد الميداني على أمل انفراجات تحسن ظروف حياتهم المعيشية.
2015-09-10 | عدد القراءات 2899