التموضع الروسي والثبات الإيراني والتحول الأوروبي و الانتخابات التركية ستضع سوريا بعد شهر تصعيد على سكة الخروج من الحرب رغم الأنف السعودي المروغ بوحل اليمن

تحدث الاستاذ ناصر قنديل رئيس شبكة توب نيوز ورئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية عن ثلاثة أقسام : القسم الاول الموقف الروسي نحن امام تغير وتبدل في معطيات الموقف الروسي ، ما الذي يجري في نظرة موسكو لأحداث الحرب على سورية وماهي حسابات موسكو التي ادت الى هذا على الاقل التصعيد الاعلامي  في التعبير عن الحضور العسكري ، الروس قالوا ان هنالك اسطولا سيستمر حتى الرابع والعشرين من هذا الشهر ، وان هنالك مناورة صاروخية للسلاح الروسي من طرطوس تجاه البحر المتوسط طالبة اعادة ترتيب خط سير السفن بما لا يتعارض مع مناطق الرمي التي ستستهدفها الصواريخ ، وامريكا تدخلت وضغطت على اليونان وبلغاريا لإقفال الممر الجوي  التي ستستخدمه الطائرات الروسية الاتية الى سورية ، وروسيا اعلنت انها استبدلت هذا الخط بخط بديل هو خط موسكو ارذبيجان ايران دمشق ، وحصلت من اليونان على الموافقة رغم الضغوط الامريكية بأن تواصل التعاون مع روسيا بالمرور في الاجواء اليونانية اذا اقتضى الامر .

القسم الثاني الحركة الاوروبية هنالك مسألة محددة ان الأوروبيين اخذوا موقف عدائي من الرئيس بشار الاسد لا يتزحزح وذلك عند التحدث عن حل سياسي يقولون ان لا مكان للرئيس الاسد ، وان مواجهة الارهاب لا تتم دون  الانخراط مع سورية يقولون ان سورية ليست  شريكنا في الحرب على الارهاب، والان هنالك شيء متغير ، اسبانيا تاريخيا لديها موقف متميز ، والنمسا ، وبريطانيا هنالك تحول كبير تحدثت على لسان وزير خارجيتها " فيليب هاموند" امام مجلس العموم البريطاني والذي يقول اننا مستعدون بالقبول لمرحلة انتقالية ويكون عنوانها الرئيس بشار الاسد معتبرا قنديل ان هذا الكلام نقطة تحول فاصلة في الازمة السورية .

القسم الثالث هنالك نقلة نوعية روسية ومقابلها انكفاء او تموضع جديد اوروبي ، والموقف الاسرائيلي والسعودي لم يتغير ، فالموقف يقول ان هنالك تصعيدا ميدانيا ، وما هو موقف الامريكي هل هو على ضفة التلقي الايجابي للتموضع الروسي ،  او هل هو على ضفة ما قاله الوزير البريطاني بلسانه او من وراءه ، ام ان الامريكي ينتظر ويترك الامور تتفاعل ويعيش حالة الفراغ بصفته الاستراتيجية .

القسم الاول :  روسيا

تحدث رئيس شبكة توب نيوز ان الموقف الروسي لم يتغير ، روسية  لم تتخلى عن سورية ، فالموقف الروسي نعرفه بخط الامداد بالسلاح والذخيرة لسورية ، بالإضافة  الى مجيئ الاساطيل الروسية ، وان الرئيس الروسي اعطى التعليمات لقاعدة مراقبة الصواريخ البالستية والتي تشتغل على مساحة العالم والمتصلة بالأقمار الصناعية الروسية الموجودة في الفضاء بأنه اعطى التعليمات لهذه القاعدة المتخصصة بالمراقبة بأن تضع لحظة بلحظة نتائج مراقبتها لدى الدفاعات السورية لكي تتصرف على اساسها ، وبالتالي في هذه اللحظة كانت لحظة الحسم لحدود جرأة  روسية للذهاب الى خط النهاية واثبتت روسية  ذلك ، فهي ليست آبهة لا بالتهديدات ولا بالإغراءات ، متابعا قنديل اننا الان في صدد مناقشة ارتفاع في وتيرة الموقف الروسي فهل هذا الارتفاع نابع من القلق ،  ام هو رسائل قوة رادعة لمنع التفكير بفرضيات ، ام هو بداية تأسيس لمرحلة جديدة في الانتقال الى الهجوم على قواعد محددة ، فهنالك مؤشرات ، فالرئيس بوتين قال ان روسيا تمارس عملا مشروعا وقانونيا  في التعاطي مع الدولة السورية ببيعها سلاحا وذلك ضمن اتفاق ضمني كان قد وقع في عام 2010، وان روسيا ستواصل بفعل ذلك ، ولن تصغي لمنع هكذا امر لأنها واثقة من قانونية ومشروعية ما تفعله ، صفقات 2010 تعطي مؤشر ان سورية قد وقعت مع روسية صفقة صواريخ (اس اس300) مع روسيا ، وان نتنياهو سافر خصيصا الى موسكو لوقف تنفيذ هذه الصفقة وروسية اوقفته ، ثانيا عندما تقوم مناورة في البحر باسم القوات الروسية ، ثالثا عندما تقول روسيا ان هنالك جسر جوي،  ويقول لافروف اننا سنقوم بأي شيء يستدعيه الامر للوقوف الى جانب سورية ، بالتالي نحن امام مشهد يقول ان النبرة الروسية الان هي نبرة مواجهة ، واشار قنديل الى ثلاثة نقاط النقطة الاولى ان روسيا تتصرف باستراتيجية وانها تتصرف منذ التوقيع النووي مع ايران ان الحلقة المركزية في الازمات الكبرى في العالم قد انتهت ، وان خط التسوية الذي اعتمد لهذه الازمة النووية يؤسس لخط تسويات اخرى وان خط التسويات الاخرى لا تجرأ امريكا على سلوكه انطلاقا من مراعاتها لحلفائها ومن عدم تضررها لاستمرار الحروب ، امريكا مهتمة بالملف النووي في الدرجة الاولى أكثر من  الازمة السورية ، والارهاب ، والمهاجرين فهو ليس من اولوياتها ، بالتالي يتصرف الروسي على قاعدة ماهي التكتيكات الواجب اتباعها للتسريع ، فالروسي انتظر أن استهلاك الامريكي كل اوراق قوته من امكانية حلفائه ( السعودية وتركيا والاخوان المسلمين والقاعدة ) ، الروسي الان يظهر كلاعب فرض معادلة جديدة في الجغرافية ، فهو يأتي بعد ان استنفذت واستهلكت كل اوراق القوة وفرضيات التدخل التي كان الامريكي يراهن عليها وبات ثابتا انها بلا مردود او مفعول، والروسي يأتي في توقيت يقول ان الحرب على الارهاب فلا يليق بروسيا كدولة عظمى الا تترجم موقفها بالدعوة للشراكة في الحرب على الارهاب بصورة  عملية ، فلا يجوز لاحد باسم محاربة الارهاب ان ينتهك سيادة الدولة التي تدور الحرب على الارهاب على  ارضيها واجوائها ، فاذا الامريكي لا يستمع فعلينا ان نفرض الامر الواقع ، فنحن هنا في سورية نقول بالتنسيق مع القيادة السورية كما انتم في العراق شرعيون لأنكم تتعاونوا مع الدولة العراقية ، فانتم في سورية غير شرعيين لأنكم تعملون دون الرضى الدولة السورية ، بينما  نحن الشرعيون ، تريدون حلفا عالميا في مواجهة الارهاب عليكم الذهاب  اما الى الامم المتحدة لنربط مساحتي سورية والعراق بحرب واحدة او اذهبوا انتم الى العراق ونحن نتكفل في سورية ، فالأمريكي ليس له مصلحة ان يكون الروسي لاعب اول  ولكن الأمريكي ضمنا يعرف ان هذا يساعده على حلفائه ، فالمؤشر التقني التركيز على (أس أي  22 وعلى - أس أس 300) هما بطاريتا دفاع جوي ليست موجهة للمسلحين والقاعدة بل موجه للدول التي تملك سلاح جو اي ( تركيا واسرائيل والسعودية ) فمن الان وصاعدا سورية اصبحت تحت الحماية الجوية الروسية وان من سيعبث بأجواء سورية سيشتبك مع بطاريات الدفاع الجوي الروسية فهذا رسالة استباقية لبعض الجنون التي برزت مظاهره من السعودية ، فمن دون الرئيس الاسد ليس هنالك تسوية ومن دون الجيش السوري لا يستطيع احد محارب الارهاب ، بالتالي الروسي هو عبارة عن نقلة نوعية تتم في سياق عام بدء تبلور الحل في اليمن واوكرانيا ولن تسمح روسيا الا وان تكون سورية في قلب جداول اعمال التسويات لكن على قاعدتي الحرب ، عامودها الفقري الجيش السوري واعادة بناء الحل السياسي في سورية محوره رئاسة الرئيس بشار الاسد ، روسيا الان تقود العملية السياسية والعسكرية في سورية ويكون انتهى زمن الانتظار وزمن النصائح وندخل الان حيز العمل لنقول اننا سنقود العملية السياسية والحرب على الارهاب في سورية .

القسم الثاني : الحركة الاوروبية

تحدث الاستاذ ناصر قنديل في الموقف الاوروبي هنالك ثلاثة محاور ، محور الدول المستقلة كإسبانيا والنمسا وايطاليا واليونان ، والمحور الثاني بريطانيا الذي يمثل بصورة مباشرة الموقف الامريكي ، المحور الثالث فرنسا والمانيا فهما شريكتان في المسألة الاوكرانيا ، وبالتالي انخراطهما مع روسيا بالمسألة السورية لا ينفصل عن الحسابات الاوكرانية فهما تحديا روسيا بالعقوبات ، المانيا هي الدولة المعنية بأوكرانيا هنالك اسباب عرقية ، وأسباب البعد الاقتصادي ، والغاز الذي يمر من  اوكرانيا الى المانيا فألمانيا هي حضن اوكرانيا ، وفي المسالة السورية ثقل قضية المهاجرين يضغط على المانيا فهي الدولة الاولى المضيفة للمهاجرين السوريين ، المانيا ترتبط بالمسألة السورية ولأوكرانيا ، فهي قالت لا يمكن الرهان على حل سياسي في سورية بدون دور محوري وقيادي لروسيا ، ويقول لافروف في تصريح له ان من يتخيل حربه على داعش لا يكون الجيش السوري عاموده الفقري فهو سخيف ، التوصيف الاوروبي ان هذه الحروب عبثية فلم يعد حرب مجدية في سورية ومن يراهن على استنزاف الدولة السورية يستنزف اوروبا وبالتالي لابد من حل سياسي من اجل الحرب على الارهاب يعطي لأوروبا المبرر من الخروج من الحرب وتعطي المبرر لفتح السفارات ورفع العقوبات واعادة البنوك السورية القادرة على التعامل مع الاسواق الاوروبية .

وقال قنديل ان كل البلدان التي فتح منها باب التطوع للقتال في سورية كانت قوة تنظيم القاعدة فيها واحد بعد مشاركتها في القتال في سورية اصبحت عشرة ، والطريق الاقصر لتجفيف القاعدة والقضاء عليها في بلدان اوروبا هو اقفال المزاريب التي تأتي بالمقاتلين الى سورية ، واكثر من ذلك هو وضع خطط لاستجلابهم للعودة ، فتجفيف الارهاب هو بمنع الهجرة للمقاتلين وخطط لاسترداد الذين هاجروا . 

واشار قنديل ان كل الحديث عن الحل السياسي في سورية ينطلق من مفتاح اسمه بيان جنيف الذي صدر عن وزير الخارجية الامريكي والروسي في ايار 2013 والذي يتحدث عن مكافحة الارهاب ، والاصلاحات السياسية ، ووقف اطلاق النار ومصالحات وطنية ، ومرحلة انتقالية تتولاها مرحلة حكم انتقالي ، فالحل السياسي له طريق واحد المؤسسات الدستورية هو اطاره ، والدستور السوري هو آليته  والرئيس الاسد شرعي دستوري فهو باق الى ان يحدث شيء بديل في الدستور ويتم على اساسه ، اما انتخابات جديدة او تقصير ولاية بطريقة دستورية ، وزير خارجية بريطانيا "هاموند" يقول انه لا مانع ان نقف مع التفسير الروسي لبيان جنيف ، وجنيف 3 الذي يحضر له ، بريطانيا ترتضي صيغة للمرحلة الانتقالية قريبة جدا من الفهم الروسي وهذا مؤشر ان جنيف 3 لديه فرص النجاح ، بالتالي في الموقف الاوروبي نحن امام تحول يجعل فرص تقدم امكانية نجاح جنيف3 اكبر بكثير وبالتالي اذا كنا امام موقف روسي يغير في معادلة الاقليم فنحن امام موقف اوروبي يتكامل معه .

القسم الثالث : الموقف الامريكي

تحدث الاستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ان السعودي سقفه عالي لديه حلقة اولى اسمها اليمن فمستقبل الحرب السعودية بات محسوم .

الاسرائيلي كان لديه عرض تركي في موضوع حماس بإقامة دولة غزة ، ولكن الموقف المصري لا يقبل بدولة الاخوان المسلمين على الحدود ودخلت السعودية لتغري اسرائيل لتدخل معها بحلف استراتيجي ضد ايران والحلف الاستراتيجي ضد ايران ثمنه حل للقضية الفلسطينية وهو مفاوضات تشرك حماس ومحمود عباس بدولة غزة وهذا المشروع مغري لإسرائيل وهي تشجع  السعودية ومقابل هذا ان تنخرط بكل ما تملك من قدرة في الحرب على سورية .

متابعا قنديل ان اوروبا تعتبر ان إطالة الحرب استنزاف لها وخاصة ان السعودية ودول الخليج لم تستقبل مهاجر واحد ولم تقم بالمساهمة بحل قضية المهاجرين ، بالتالي الموقف السعودي سيصطدم مع الموقف الاوروبي.  

ابتكر الأميركيون استراتيجية سياسية  أسموها الاحتواء المزدوج، وهي تقوم على التعاون مع فريق في مجال ومقاتلته في مجال، والتعاون في جغرافيا ومقاتلته في جغرافيا، وطبّقوها على علاقاتهم مع خصوم يقاتلون خصوماً آخرين. فعل الأميركيون هذا مع تنظيم «القاعدة» فقاتلوه واستعملوه لقتال السوفيات، وفعلوا هذا مع الحكم العراقي السابق والرئيس صدام حسين قاتلوه وشجعوا ودعموا حربه على إيران.

وهنالك نظرية اسمها الانخراط المزدوج وهو ان الروس يطرحون حل سياسي لمرحلة في قلب الدستور السوري حكومة وحدة وطنية ، رئاسة الرئيس الاسد ومصالحة، ووقف اطلاق النار،  ودعم الجيش السوري في حربه على الارهاب والتمهيد للجنة خبراء تنجز تعديلات دستورية ، واستفتاء على الدستور وثم انتقال الى انتخابات نيابية ورئاسية ، والذهاب الى جنيف 3 ، وبالتالي يكون عراب الحراك باتجاه هذا الحل ، بالمقابل منع الحرب  السعودية  والإسرائيلية  على سورية فالروسي موجود ويمكن ان يؤدي ذلك لإشعال المنطقة لذلك استبدال ذلك بالمرتزقة والقاعدة ، فتنخرط امريكا مع الاثنين ، تنخرط امريكا مع الحل الذي يكرس الدولة السورية ، وتنخرط مع الحرب التي تستنزف الدولة السورية .

واشار قنديل ان الامريكي يتصرف على قاعدة ان الاستحقاقات اوقات ،  الاستحقاق الاول هو الملف النووي كان يضع كل اوراقه الدبلوماسية في هذا الملف وبعده الملف اليمين والأوكراني و سورية ، وفي تشرين الاول سنكون امام تسويتين ناضجتين اليمنية والاوكرانية ، ففي اليمن ستكون انتهت المفاوضات ووضع الاطار ،وفي اوكرانيا ايضا قمة النورماندي والتي ستكون بحضور (ميركل وبوتين) لإيجاد حل ، فإذا تشرين الاول هو شهر الحل في اليمن واوكرانيا ، وقال قنديل ان السعودية لن تعطى ورقة مواصلة حرب الاستنزاف لان هذا انتحار اوروبي .

وفي تشرين الثاني الانتخابات التركية اردوغان في حربه على سورية والاكراد ، وتجربته السيئة في عين العرب (كوباني) وفي مواجهته مع داعش  خسر الانتخابات في تركيا . ولفت قنديل ان مصر في انفتاحها على سورية الامني تفعل مالم تفعله  السعودية  لاستكماله،  وباستقبالها اللواء "علي المملوك"  بصورة رسمية عوضت الخلل السعودي و فعلت ذلك بضوء اخضر سعودي   ، وبعلم روسي وبالتالي العنجهية السعودية سيتكسر رأسها بمحاصرة قوة سورية ، وموقف روسيا  ،  وبعدم امتلاك الغطاء الامريكي .

تحرير : بشرى الفروي              

2015-09-15 | عدد القراءات 2992