الجمعية العامة للأمم المتحدة منبر لطرح أوراق القوة لا الخطب المملة ..... مقدمة نشرة أخبار توب نيوز بقلم سعد الله الخليل

بعيداً عن التكرار الممل للخطابات الرنانة والمطالب الاقتصادية والاجتماعية والبيئة والقضايا الملحة للبشرية من التنيمية المستدامة إلى البيئة والعدالة الاجتماعية التي درجت العادة على طرحها إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ورغم أهمية تلك القضايا إلا أنها تبدو هامشية في الدورة السبعين والتي تسيطر على نقاشاتها الأزمات بدأ من سوريا واليمن إلى أوكرانيا , فيما تبدو مكافحة الإرهاب حجر الزواية في العلاقات الدولية القادمة والتحدي الأكبر أمام المجتمع الدولي والتي تبدو الجسر الواصل ما بين تلك الأزمات وقضية تدفق اللاجئين إلى أوروبا.

تتجاوز اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك في دورتها الحالية دورها المعتاد كمنصة لإطلاق التصريحات والمواقف الفاقدة التأثير , والتي لا تتجاوز فترة صلاحيتها مدة بثها التلفزيوني , لتغدو منبراً يطرح كل طرف من خلاله أوراق قوته وما بجعبته من غلة الميدان وحصيلة ما جمعها في أكثر من ساحة ساخنة على الأرض , ورغم تعدد الساحات وتداخل الملفات تبدو الأزمة السورية عقدة المنشار ونقطة تداخل الملفات الحاسمة بعد خمس سنوات من الاستعصاء على الحسم وفشل كل محاولات كسر الدولة السورية بوسائل عدة لم تكن الأمم المتحدة ومبعوثيها المتعاقبين غائبة عنها بل وشريكة فيها ،وبالرغم من وضوح المشهد السياسي العالمي تنشغل الأوساط السياسية بترقب كلمة الروسي فلاديمير بوتين والتي سيطلق عبرها مبادرته لحل الأزمة السورية.

مبادرة بوتين والتي تقوم على تشكيل جبهة موحدة لمواجهة التنظيمات الإرهابية بموازاة دفع عمليات التسوية السياسية، ولا سيما العملية السياسية في سوريا قدما إلى الأمام , والتي أيقنت واشنطن أنها اعتراف بسحب الملف السوري من اليد الأميركية بعد الفشل في التقدم بأي من خيارات واشنطن سواء العسكرية بأوجهها المتعددة أو السياسية والتفاوضية , ما دفع الأوساط السياسية الأميركية المحيطة بالرئيس باراك أوباما للإعلان عن مبادرة أميركية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يطرحها وزير الخارجية جون كيري , ورغم ضبابية المبادرة الأميركية والتي يبدو أنها لا تتعدى التشويش على الخطوة الروسية أو طرح ورقة لواشنطن لتضع المبادرة الروسية في خانة التفاوض والتعديل وفق الرؤية الأميركية من بوابة دمج المبادرتين الروسية والأميركية.

قطعت الأطراف المعنية بالمبادرة من حلفاء موسكو الطريق على أي ابتزاز أميركي عبر تهيئة الظروف المساعدة  لنجاح المبادرة فكشفت عن مركز معلومات أمني روسي سوري عراقي إيراني في بغداد , لتنسيق الجهود بمحاربة تنظيم "داعش" لخلق الظروف المواتية لتنسيق جهود المواجهة وضمان أفضل النتائج لها سواء أسهمت واشنطن وحلفاؤها بدعم جهود محور المقاومة بالمواجهة أم لم تفعل.

وبالرغم من كثرة المبادرات التي طرحت لحل الأزمة السورية فإن مبادرة الرئيس بوتين تستند إلى ركيزتين قويتين تتمثلان بالمشاركة الروسية المباشرة في الحرب على الإرهاب كركيزة أولى والتي باتت تأتي أوكلها على الأرض وفي السياسة , عبر التحول في وجهات النظر الغربية حيال الإقرار بالدور الرئيسي الفاعل للرئيس بشار الأسد في أي جهد سياسي قادم ، فيما يمثل الفشل الأميركي الركيزة الثانية لنجاح المبادرة الروسية في ظل غياب البدائل والحاجة الماسة للسير في عملية التسوية السياسية والتي قد تنطلق فور انتهاء كلمات افتتاح الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

 في عامها السبعين الجمعية العامة للأمم المتحدة تغدو منبراً لطرح أوراق القوة لا منصة لإطلاق الخطب المملة.

 

2015-09-27 | عدد القراءات 2065