على أحر من الجمر بدت الأوساط السياسية والاعلامية بانتظار الدخول الروسي في معركة سورية في حربها على الإرهاب وبالرغم مما شهدته أجواء الأمم المتحدة من نقاشات وجدالات بمنابرها المتعددة وأروقتها المبهرة وقاعاتها المغلقة فقد سرقت الغارات الروسية الأضواء وما إن أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن شن طائراتها لأولى غاراتها على الأراضي السورية حتى انهالت موجات التصريحات والمواقف والتحليلات بين مرحب ورافض وقلق وشاجب.
في الشكل أظهرت دمشق وموسكو شديد الحرص على إظهار المسار القانوني والدستوري للخطوة بدأً من رسالة الرئيس بشار الأسد بصفته القائد العام للجيش والقوات المسلحة السورية والمؤتمن على أرض وشعب سورية بموجب الدستور لنظيره الروسي فلاديمير بوتين يطلب فيها إرسال قوات جوية في إطار مبادرة الرئيس بوتين لمكافحة الإرهاب الذي بدوره أحال الطلب لمجلس الاتحاد الروسي الذي وافق على مشاركة القوات الروسية خارج حدودها.
لم يكد أول الصواريخ الروسية يطأ أرض الهدف وقبل تناثر الغبار من حوله أطلقت جوقة السلمية والمدنية صرخات الندب والعويل على تطاير جثث النساء والأطفال والشيوخ التي أصابتها الصواريخ الروسية في مشهد يذكر بالبراميل المتفجرة التي لا تصيب سوى الأطفال والنساء والشيوخ وعبر سنوات الأزمة لم تصب ولو من قبيل الخطأ في بيانات وتصريحات قيادات المعارضة والدول الداعمة لها قيادياً فيما سمي يوما ما جيشاً حر تحول لاحقاً لجبهة نصرة قبل ان يتطور ليغدو تنظيم داعش أبو صقار آكل القلوب والأكباد مثلاً , وفجأة تسيد يتامى السعودية وأنقرة الشاشات منددين في الظاهر فرحين بعودتهم إلى الأضواء بعد أن خبا صوتهم ليبدو كالنواحات الباكيات في الشكل على ميت لا يمت لهم بصلة , السعيدات بأجر مقبوض آخر المطاف وربما تفهم دوافع الائتلافيين للتباكي على حصون تنهار على الأرض ومناصب تتهاوى في السياسة لا يسأل عنها أحد إلا أن الغريب أن يعود وزير الخارجية الأميركية جون كيري لتكرار رواية قمع الأطفال وتحول الأهالي لإرهابيين بعد خمس سنوات من الحرب ولعله كان نائماً طوال اجتماعات نيويورك ولم يسمع مستوى الخطابات النارية التي سبقته كيري الذي أبدى قلقه من خشية من أن تصيب الغارات مواقع ليست لداعش دون أن يفصح عن المواقع التي أصابها طيرانه خلال عام من الغارات على التنظيم وهو ما يطرح تساؤلات عدة عن
المعطيات التي يعتمد عليها التحالف لضرب التنظيم التي لا تمتلكها روسيا وسوريا ليبدو غضب كيري مبرراً لخشيته من ضرب الغارات للتنظيم الذ ي لعب بورقته في الساحة السورية.
بعيداً عن الصراخ الأميركي فعلى موسكو ودمشق أن تراجع حساباتها بعد إعلان مملكة آل سعود رفضها للغارات وأن تستجيب لدعوتها وقف الغارات خاصة وأن السعودية تتسلح بلبوس الشرعية في حربها على اليمن وكان من المفترض أن تستعين روسيا بخبرتها الشرعية في الحروب على أراضي الغير والتي لم تبق حجراً على حجر في المدن اليمنية , كي تمنح الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي بعضاً من الشرعية التي باتت بعد أحداث منى بحاجة لمن يمنحها إياها.
بعد عام من غارات واشنطن الوهمية على تنظيم داعش لم ينبس أي طرف ممن يعلو صراخهم اليوم بوجه موسكو ببنت شفة , ومن سوء حظهم العاثر أن السياسة الروسية والسورية تمتاز بهدوء أعصاب منقطع النظير تراقب طائراتها بهدوء , ولسان حالها يقول اغضبوا وتمسكوا بشرعيتكم ولتضربوا رأسكم بالجدار لا تراجع
2015-10-01 | عدد القراءات 2522