لم تشأ روسيا الدخول في المرحلة السابقة بأي تحالف دولي من شانه مكافحة الارهاب مع داعش ، فهي لم تكن مقتنعة لا بالخيار و لا بالقرار و لا بالمشاركين في هذا التحالف . ثبت فشل التحالف الدولي في احراز تقدم و الخروج من انحيازه و التسليم بعجزه ، وثبتت صحة الخيار الروسي بعدم الانضمام إليه ، فهذا الحلف الذي لا ينقصه قدرات القتال تنقصه صوابية القرار و ارادة تغيير الواقع في سوريا ، والقدرة ظهرت في نجاح التحالف الدولي في ابعاد مخاطر الارهاب عن كوباني كمثال و قدرته على احدث خروق عسكرية . أتت روسيا لتقول اليوم انها تحمل قرارا جديا بالتغيير على الأراضي السورية ، هذا القرار الذي افتقدته الولايات المتحدة الاميريكية او عجزت عن التوصل لاجماع حوله ، لكن روسيا قدمت الى سوريا بعد امر اساسي و هو اقناع الاميريكيين بضرورة الحل السياسي على الارض و قد نجح الروس بذلك ، هكذا قال بوغدانوف امام احد زرواه العرب و بعد نجاح روسيا باقناع اميريكا بأن الحل السياسي المنشود لا يمكن ان يكون من دون الرئيس بشار الاسد و بعدما شعرت روسيا أنها اكثر ارتياحا لوضعها و قدراتها قررت رفع القرار امام العالم . مكافحة الارهاب ليست خيارا روسيا من بين عدة خيارات فروسيا التي رأت بالازمة السورية جرحا نازفا لا يستطيع التعافي لكنه لا يتدهور لتسوء حاله وجدت ان في الإسراع بتعافيه إبعاد مخاطر الارهاب الذي يتهددها و الذي عانت و تعاني من ما يسببه من بؤر و خلايا تتنتشر في البلاد و قد تدخل اوروبا من الباب العريض و بالتالي فإن القتال في سوريا بالنسبة اليها ليس انقاذ نظام انما استراتيجية و قرار. اثبتت روسيا ان احادية التحكم بالعالم قد انتهت و ها هي اليوم تقسم اوروبا و العالم بين مواقف مؤيدة لقرارها العسكري في سوريا و بين رافضة و تثبت ان هذه الاحادية سقطت فعلا لا قولا و ان هناك من ليس قادرا بعد على مجاراة القرارات الاميريكية على حسابه ، و بالتالي تدرك واشنطن انها تتفرج اليوم على تحركات موسكو من دون القدرة على حشد مواقف اولا و لا قدرة على التغيير ثانيا ، و بالتالي و طالما ان الاميريكيين لم يثبتوا انهم يريدون الاسراع في الحل السياسي في سوريا فان الروس غير مستعدين اكثر لاطالة عمر الازمة التي تهدد امنهم القومي بالمدى المنظور . روسيا التي تحركت اليوم تدخل رسميا بوابة استعادة القطب الحاكم في العالم فاعادت سياسة ثنائية الاقطاب التي فقدتها ، و بالمحصلة يمكن فرز العالم اليوم بين دول مؤيدة لروسيا و دول مؤيدة لاميريكا و بالتالي فان الزمن تغير و السياسات تتغير و الوزن الاميريكي بالمنطقة يتغير . روسيا تتحدى لكنها امام استحقاق اكبر من الرهان على وضعها كند لند امام الاميريكيين و هو قدرتها في اثبات جديتها باسرع وقت ممكن و قدرتها على احداث فرق يعتد به امام العالم الذي ستقدم نفسها امامه كدولة اولى تقود مكافحة الارهاب في العالم ، لان من ينجح في سوريا يستحق اعلى اوسمة الشرف العسكرية لمكافحة التطرف الذي يهدد العالم .. روسيا تسحب صفة المخلص من الاميريكي الذي ادعى اخذ مكافحة الارهاب على عاتقه منذ دخل العراق و افغانستان و ها هي اليوم تباشر عمليات لن تقتصر على سوريا فقط انما على العراق كما تشير بعض الاجواء لعلمها بترابط الازمة كامتداد و هدف . روسيا تتحدى فهل يصمد الاميريكيون طويلا ام سيبدأ تبلور المشهد السياسي في سوريا اسرع بكثير مما كان متوقعا ؟
2015-10-02 | عدد القراءات 2446