من يسمع الكلام الأميركي والأوروبي والتركي والسعودي حول الغارات الروسية التي تستهدف مواقع الإرهابيين في سوريا يتخيل أن المواجهة الغربية الروسية واقعة لا محالة ، ومن يتوقف امام القرار الأميركي بتأكيد سحب شبكة صواريخ الباتريوت الأميركية عن الحدود التركية السورية يعرف أن ما يسمعه جعجعة لا أكثر وأن الغرب وعلى رأسه واشنطن يريد تحسين شروط التفاوض مع روسيا لاستثناء مجموعات مسلحة غير جبهة النصرة بالتأكيد من تصنيف الإرهاب لأنه النصرة علنا فرع تنظيم القاعدة ، لكن سواها وغم معرفة الغرب بتبعيته للقاعدة وفكرها يريده مسمار جحا في العملية السياسية . في النهاية فرضت روسيا جدول أعمالها ,استدرجت الغرب لمناقشة من هم الإرهابيون ومن هي المعارضة الصالحة للشراكة في الحل السياسي ، بعدما وافق الأميركيون و الأوروبيون على الدعوة الروسية لتصنيف أممي من خلال مجلس الأمن للجماعات المسلحة في سوريا ، وفقا للمعايير الدولية لتعريف التشكيلات الإرهابية ، وخوصا ما يثبت اتصاله بتنظيم القاعدة كحال جبهة النصرة ، وفرز هذه الجماعات عن ما يمكن قبول تسميته بالمعارضة المسلحة التي يمكن انضمامها لحل السياسي من جهة والحرب ضد الإرهاب من جهة مقابلة بالتلازم ، وعلى هذا الأساس تحديد القوى البرية التي ستتولى دور تنظيف المناطق السورية من الجماعات التي تصنف إرهابية ، ويقول مراقبون يتابعون عن قرب مفاوضات المسؤولين الروس الدبلوماسيين والعسكريين أن هذا سيقود حتما إلى جعل الخطة الروسية للحل السياسي القائمة على حكومة وحدة وطنية في ظل رئاسة الرئيس السوري بشار الأسد تقود الحرب على الإرهاب ، التي يشكل الجيش السوري عمادها ، خيارا أحاديا لا بديل عنه ، وأن أول النتائج سيكون سقوط تحييد تنظيمات كجبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام ، من الحرب على الإرهاب ، ما يعني عمليا تطهير إدلب وريفها وحلب وريفها ، ومناطق ريف حمص وحماة وصولا لريف دمشق من هذه الجماعات ، تمهيدا لتفرغ لقتال داعش بشراكة سورية عراقية مدعومة من إيران إقليميا ، وبمشاركة سعودية وتركية و أردنية بوقف التمويل والتسليح تحت رقابة أممية ، وهذا يفتح الباب في نهاية المطاف لحسم المسائل السياسية والدستورية السورية بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع ليقرر السوريون وحدهم ماذا ومن يريدون . هذا التفوق الروسي المرفق بالإنجاز السياسي و الدبلوماسي كان الإنجاز العسكري طريق بلوغه ، بمواصلة أسراب السوخوي الروسية دك معاقل تنظيمات داعش والنصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام ، رغم الصراخ التركي والسعودي والقطري والتشجيع الذي يصدر من عواصم الغرب على هذه الاحتجاجات . ولأن روسيا تهتم للقانون الدولي فما يهما قبول الدولة المعنية ذات السيادة وهي سوريا ولذلك يعنيها أن يكرس وزير الخارجية السورية وليد المعلم فقرة خاصة من خطابه أمام الجمعية العام للأمم المتحدة لتحية الدور الروسي في الحرب على الإرهاب بعدما تضمنت كلمة المعلم باقتضابها ، علامات فارقة صاعقة للمتلاعبين بعناوين الحرب على الإرهاب ، الذين قال لهم كيف ترتضي دول الحداثة والحضارة ان تمد يدها باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان لدولة تصدر الإرهاب والتطرف ، حيث لا انتخابات ولا حقوق إنسان ، وكيف تستيغون التضحية بدماء شعوبكم التي تنزف تحت ضربات الإرهاب وأنتم تمدون أيديكم لمن يصدره لكم ، وقال الوزير المعلم ان سوريا لم ولن تتوقف عن حربها على الإرهاب ، ومعها حلفاء أوفيا أشداء ، واعدا متوعدا للعابثين بدماء السوريين ، بقوله لن تأخذوا في السياسة ما فشلتم بتحقيقه في الميدان ، أما في السياسة فقد أعلن المعلم مشاركة سوريا في الفرق التي دعا إليها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ، معتبرا معيار صدقيه العالم في الحرب على الإرهاب وضع حد للتلكؤ والتغاضي عن عدم تنفيذ القرارات الدولية التي تلزم وفقا للفصل السابع الدول المتورطة بالتمويل والتسليح للجماعات الإرهابية بوقف هذا العبث فورا وهذا ما لم يحدث ، وإقفال الحدود أمام تسلل وتسرب الجماعات الإرهابية إلى سوريا وهو ما يستمر بغزارة وبرعاية علنية وفقا للتقارير الدولية .
2015-10-03 | عدد القراءات 2937