منذ أن أطلقت البوارج الروسية في بحر قزوين صواريخ "كاليبر" صوب مواقع تنظيم "داعش" الإرهابي وأخواته من التنظيمات القاعدية ،وبعيداً عن المواقف الرافضة والمستهجنة والمستنكرة والمهددة وغيرها من حفلات ردح سياسي شهدتها عواصم القرار بين الشرق والغرب ، بدا واضحاً أن رسائل قزوين تتجاوز الحدود السورية بمسافات تفوق ما يفصل قزوين عن سورية .
رسائل موسكو من صواريخ قزوين وصلت سيد البيت الأبيض فلم يكن بمقدوره سوى التشكيك بفعالية تلك الصواريخ ،فور اثبات السفن الحربية التي أطلقتها فعالية فاقت ما أنجزته حاملات المروحيات الأمريكية التي تجوب المنطقة ،والتي وصفها رئيس مركز التحليل والتنبؤ الروسي بغير الفعالة ونصح الولايات المتحدة الأمريكية بالكف عن إنفاق تكاليف ضخمة لتطوير حاملات المروحيات ،طالما بمقدور سفينة بحرية تحقيق أضعاف ما حققته تلك المروحيات على مدى عام من الطلعات الجوية .
من واشنطن أتت رسالة القلق الأميركي بما كشفته صحيفة الواشنطن بوست باعتراف الخبراء العسكريين الأمريكيين بتفوق صواريخ " كاليبر "على صواريخ "توماهوك" الأمريكية مشيرة لقلق أميركي من تعزيز الوجود الروسي في سورية ،والغارات المفاجئة ضد أهداف تابعة لتنظيم "داعش" التي توقع يومياً مئات القتلى في صفوف التنظيم ،والتفوق الروسي العسكري في المنطقة وهو ما يقلق واشنطن في الحقيقة وليس قدرات تنظيم "داعش" ،ولا قدرة الدول الراعية له على الحفاظ على حصان طروادة القرن الحادي والعشرين.
من بحر قزوين قالت موسكو كلمتها ودخلت الحرب على التنظيمات الإرهابية من بوابة الصواريخ العابرة للقارات لتثبت علو كعب قواتها في مواجهة مصيرية لا مجال للتراجع عنها ،ولا للتنازل عن النصر في معركة عالمية كبرى ولتقول عبرها للأميركيين إن شئتم المشاركة فأهلاً بكم وإما فمعركتنا مفتوحة ،وهو ما قرأته واشنطن جيداً وفضلت الخروج بأكبر قدر من المكاسب بالتنسيق لضمان عدم المواجهة بين طيران التحالف ونظيره الروسي ،طالما أن لا مصلحة جدية لها بضرب التنظيم وفق الرؤية الروسية فاكتفت بالمراقبة لضمان قياس نتائج الغارات على الأرض.
عدلت واشنطن خياراتها وفق منهج الغارات الروسية بعد سيل الانتقادات التي تعرضت لها بعد الملايين التي أنفقتها على تلك البرامج ،فقرر البيت الأبيض إنهاءها واستبداله بتدريب عدد محدود من القيادات ضمن خطة بديلة أكثر ،إرضاء لتركيا بمحاولة إبعاد التنظيم عن الحدود السورية التركية وملئ الفراغ بمجموعات موالية لتركيا بمسميات متعددة ،وهو ما استبقته الغارات الروسية فاستهدفت الجماعات المحسوبة على تركيا من جيش الفتح وغيرها من التنظيمات ،ولتضع سيد البيت الأبيض في موقع العاجز عن تحقيق أهدافه المعلنة في بدء الحملة على التنظيم بإضعاف التنظيم والقضاء عليه ،والتي سرعان ما تحولت لحصار التنظيم وقطع
طرق الإمداد عنه، قبل أن تنصّب صواريخ قزوين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صانع القرار في الحرب التي من المفترض أن واشنطن تقودها قبل عام ،ما يعني بأفضل الحالات تنازل أميركي للقيصر الروسي.
من واشنطن وصلت الردود على غارات قزوين في وقت استهدفت طائرتي إف 16 محطتي كهرباء شرق حلب ،في تطور قد ينقل المواجهة إلى حرب مع الدولة السورية للضغط على موسكو لوقف الحملة ضد التنظيم ،وقد تخلط أوراق الحرب وتأججها في حال قررت واشنطن الذهاب إلى الهاوية لا الوقوف على حافتها , ردود رسائل قزوين وصلت وموسكو ودمشق غير معنيتين بالرد السريع على الحيرة والقلق الأميركي ولينتظر كيري وأسود البيت الأبيض وليفعلا ما يستطيعان فعله.
2015-10-11 | عدد القراءات 2603