قال الجوري: «مرحب يا خوي»، ردّ الياسمين: «أهلاً سوخوي»

قال الصباح

يطلع الفجر من خيط شفق وغسق وبينهما لمسة ضوء وندى وبراعم ياسمين، والموعد بين حلب ودمشق، حيث تنتفض في القلوب نبتة برّية تزهر دماً اسمها فلسطين. بورك جنوب العرب في لبنان، وجنوب جنوب العرب في فلسطين، وجنوب جنوب الجنوب في اليمن… كلّ الجهات جنوب وكل البلاد فلسطين.

ربّ أخ لم تلده أمك، فمرحباً بالشقيقة روسيا… قال الجوري: «مرحب يا خوي»، ردّ الياسمين: «أهلاً سوخوي».

أيها العربيّ، إذا لم تكن جندياً سورياً أو من رجال المقاومة، وشاهدت ما يجري في فلسطين، فلا تقل أنك تشعر بالفخر، إنما قل إنك خجول لكونك عربياً!

دم الطفولة المسفوح على تراب فلسطين بأيدي «جنود الحضارة»، كرؤوس أطفال سورية فصلت عن أجسادها بأيدي «ثوّار الحرّية»، معروضة كبضاعة مرصوفة للبيع تنزف دماً. هي جميعها دموع مريم العذراء على صلب المسيح، وهي دموع زينب على حزّ رأس الحسين وحمله على رمح… فلتبك الإنسانية الجبانة على عجزها خجلاً من حبّ الحياة، طالما أنها لم تجرؤ على الفجور منذ بدء التاريخ.

يتفرّج العربي على مشاهد عذاب أهله وموتهم على الشاشات ويقول: كان الله في عونهم… يحدث هذا سواء كان العذاب عراقياً أم فلسطينياً أم لبنانياً أم سورياً أم ليبياً، ويحدث إن كان المتفرج مسؤولاً في جيش أو حكومة أو كاتباً أو شاعراً أو طالباً أو عاملاً بسيطاً… ويتفاخر العرب بأسطورة حبّهم للحياة كونهم يواصلون سخافة روتينهم اليومي بوقاحة يسمونها شجاعة… أمة إن بقيت على هذه الحال ستصبح يهود التاريخ تعوي في الصحراء بلا مأوى.

الحقيقة الناصعة تشرق بين أيدي شباب فلسطين. فيكفيهم ما يسمعونه ويقرأونه عن الرضا «الإسرائيلي» عن الحرب السعودية في اليمن، وعن الذعر «الإسرائيلي» من كلام السيد نصر الله، وما رأوه بأمّ العين من استشفاء مقاتلي «النصرة والمعارضة السورية» في مستشفيات الاحتلال، ومن ذعر «إسرائيليّ» من قدوم الروس إلى سورية، حتى يدركوا بغريزتهم التاريخية من هو الصديق ومن هو العدو، ويوقّتوا انتفاضتهم على ساعة الهجوم المعاكس لمحور المقاومة… هزمت انتفاضات جيل الإعجاب بالأخوان، وجيل «الجزيرة» وجيل «عزمي بشارة» وجيل «أوسلو»، وينتفض اليوم جيل نصر الله والأسد وبوتين… وسينتصر.

الحسين اليوم في فلسطين يمضي عاشوراءه. أما في سورية فيوم الفتح واقتراب الدخول إلى مكة واستعادة القدس… ولا مكان للبكاء في كليهما، إنما زغردة البنادق وصهيل الطائرات وزعيق الهاربين ونعيق المهزومين ونقيق النقاقين وصرير أسنان الخائفين، وقدم ثابتة لا تختلج، وفجر ينبلج وإرادة لا تلين كحدّ السكّين… اليوم سيخرج الرجال الرجال وسيبدأ النزال في كل مكان فلسيتعد الإنس والجان لموقعة العصر ومعزوفة الزمان… سترون ما لم تروه من قبل، وما لم تره عين من قبل، وستسمعون ما لم تسمعوا من قبل، وما لم تسمعه أذن من قبل… هي الساعة أزفت والساعة آزفة والأرواح راجفة واللحظة الخاطفة للضربة الهادفة… إنها العاصفة وما أدراكم ما العاصفة!

2015-10-16 | عدد القراءات 3237