منذ دخول القوات الروسية الى الميدان السوري و خريطة السياسة في المنطقة تعيد رسم اساساتها من جديد استنادا للمتغير الكبير و هو اصرار روسيا على البت بقضية الارهاب بسوريا و ما يتبعه هذا من قرار استكمال الحملة نحو العراق و ربما اينما استدعت الحاجة لان هذا الاصرار نابعا من عدم مساومة روسيا على فسح المجال امام الارهاب للوصول الى شوراعها .
و على ان القرار قد اتخذ مباغتة فان الولايات المتحدة الاميريكية وجدت نفسها امام مازق ترتيب و تسيير ملفات الجلفاء التي ازدادت تعقيدا لا واشنطن اصبحت امام امرين شديدي الحرج و هي غير قادرة على تجاهلهما
اولا : لان الولايات المتحدة الاميريكية فقدت قدرتها على فرض نفسها كحاضنة للحلفاء و كمنقذ و عنصر حاسم في مسارات و اتجاهات المنطقة و بالتالي فاذا كانت هي راس حرب الحلف و قد باغتتها الخطوة الروسية حتى التمست المنطقة ارباك المسؤولين الاميريكيين بتصريحاتهم المتناقضة تماما بين داعمين للخطوة الروسية بمكافحة الارهاب و بين رافضين حتى لاستقبال وفود روسية من اجل الحل السياسي و بالتالي فان واشنطن تزهر لاول مرة قائدة حلف عاجزة امام قوة عظمى دخلت ملعبها .
ثانيا : احرجت الولايات المتحدة بنسف تصريحاتها التي توالت لسنوات بما يتعلق بمكافحة الارهاب فقد اثبتت النتائج الفورية و السريعة للضربات الروسية في سوريا التي طالت اوكار الارهابيين انها انجح و اكثر فعالية و بالتالي كشفت زيف النوايا الاميريكية بخطة المكافحة الاولى التي كان من الممكن ان تكون تدخلا مباشرا بعناوين عدة و الثانية التي تحولت الى حلف دولي يكافح الارهاب ففشل.
اذا دخلت روسيا ترافقها كل العناصر الحليفة بجانبها بمعنى اخر دخلت بالتوقيت المناسب لتخلط الاوراق بالمنطقة و الملف اليمني يحضر كاحد ابرز و ادق الملفات و هو واقع اليوم تحت هذا التاثير مباشرة و السعودية التي ايقنت بفشل خطتها في سوريا و التي تحاول اليوم حماية ما تبقى من نفوذ او مناطق بيد المسلحين التابعين لها عرفت ما هو اهم من ذلك و هو فقدان سوريا كورقة ضغط باليمن و بهذا الاطار فان اي تهديد و تلويح سعودي برفع الورقة السورية امام اي طاولة مفاوضات لم تعد مؤثرة و هنا لوحظ توجه المسووؤلين
السعوديين نحو موسكو و لقائهم المعنيين و القادة الروس و قد حضر الملف اليمني اولا و اخيرا بالنسبة للسعوديين كاولوية اينما حلوا و هناك اتاهم الجواب على عاصفة الحزم الروسية فعلا التي وضعت الملف اليمني امام واقعا جديد.
تعرف السعودية جيدا ان المفاوضات اليوم ربما تكون لمصلحتها من اجل فرض الحلول في اليمن اكثر من اي وقت مضى و الا و مع تقدم روسيا و انتصارها و مع بدء رسم مصير سوريا نحو التعافي المتوقع فان الضغط على حلفاء سوريا في اليمن بات اقل تاثيرا ايضا و بالتالي قد يتوجهون هم نحو فرض شروطهم بدل وقف الحرب بشروط او حلول وسطية .
عاصفة الحزم الروسية تنشر رسائلها السياسية في كافة ارجاء المنطقة بلسان حال " هيا الى الحلول السياسية و طاولة المفاوضات " و قد اعذر من انذر من انتصارات مدوية تفرض صيغة غالب و مغلوب لا يريد احد الوصول اليها من اجل حفظ توازنات المنطقة و حساسياتها .
2015-10-16 | عدد القراءات 2440