يضع الكاتب البريطاني المثير للجدل روبرت فيسك الدول الكبرى امام احراج تصريحاتهم و مواقفهم و يثير موضوع الجيش السوري و تماسكه في مقاله الاخير بصحيفة الاندبندت البريطانية و يذكر بكل المواعيد و المواقيت التي راهن عليها الغرب لانهيار الجيش السوري محذرا اياهم بان اياكم و تنسوا ان هذا الجيش سيصبح اقوى جيوش العالم في حال تماسكه والحفاظ على قوته البشرية و سيخرج اقوى جيوش المنطقة و حينها ويل لأي دولة مجاورة تنسى ذلك.
عندما يتحدث فيسك عن الدول المجاورة فهو يقصد هنا اسرائيل و هي الكيان الغاصب و تركيا من هنا فان الرهان على تفكيك الجيش السوري كان متوازيا بعمل اسرائيلي تركي دؤؤب لسنوات متبعا بتمويلا خليجيا نشكا ركز على دفع الاموال بداية الازمة لانشقاق اكبر عدد ممكن من الجيش الضخم الذي بنته عائلة الاسد لسوريا فبات مرتبطا ارتباطا وثيقا بها و بالنظام و بالدولة و بالانضباط التام و المناقبية التي من شانها ان انقذت الجيش من الانهيار بعد موجة الانشقاق التي لم تزعزع قواه.
اسرائيل و من ورائها الولايات المتحدة الاميريكية الللتان سعتا الى توظيف اجتياح الاخيرة للعراق و كسر جيشه الى استكمال مشروع تفكيك الجيوش العربية لضمان عدم الهجوم مستقبلا على اسرائيل لم تفلح في هذا الطرح بسوريا و ربما فوجئت بهذا الصمود الكبير للجيش السوري العربي الوحيد المتبقي بزخم القتال و شجاعة رفع الصوت لان لا للسلام مع اسرائيل و بالتالي فان القلق الاميريكي على مستقبل اسرائيل لجهة اضعاف جيوش الجوار توقف عند حدود دمشق لتصبح العقدة اكثر تماسكا بعدما خبر الجيش السوري القتال مع حلفائه الذين امدوه بالمعنويات و الخبرات و اللوجستيات المطلوبة للاستمرار و هنا فان خبرته اضحت خبرة جيوش دولية خصوصا اليوم بمشاركة الجيش الروسي و ما يمكن ان تضفي هذه المشاركة من خبرة و تجربة هامة لان هذا التعاون لم يسبق و ان حصل مع جيش عربي في المنطقة خارج عن مناورة عسكرية تدريبية .
اقوى جيوش العالم الذي تحدث عنه فيسك هو المعضلة المقبلة امام الاسرائيليين اللذين ايقنوا بعد الدخول الروسي استحالة اللعب على وتر اضعاف الجيش و هو الذي لم يتفكك
قبل دخول روسيا فكيف بعدها و هنا فان حسابات تل ابيب لجهة اي حرب في المستقبل مع سوريا اصبحت بحسابات ثلاثية الابعاد.
اولا : الجيش السوري المتماسك ازداد عقيدة و ثبات بعد شلال الدم الذي اريق في البلاد و ازداد قناعة انه و مؤسسات الدولة صمام امانها و ان انتصاره في المعركة توجه بطلا تاريخيا بعين السوريين الذين انكبوا الى مساعدته في هذه الحرب
ثانيا: لم يعد الجيش السوري ذلك الجيش المتهم بعدم خوض الحروب و المعارك و الذي كان متهما بعدم المواجهة مع العدو الصهيوني من اجل استعادة الجولان و اذ به اليوم يواجه حربا عالمية بكافة مقايسسها لوجستيا و تكتيكيا فبات بعد خمس سنوات خبرة ارض و جو و معارك لشهور بكل الظروف المناخية و الظروف القاسية نفسيا.
ثالثا: الجيش السوري الذي يحارب لم يكن يحارب منفردا بل مع حلفاء اوفياء استطاعوا زيادة خبراته و تعزيز مقوماته و فتح باب التعاون العسكري في المستقبل و هو هنا لم يعد ججيشا كلاسيكيا انما جيش بحلفاء مستعدون لبذل تضحيات من اجل صموده.
ويل لمن ينسى انه اقوى الجيوش هكذا قال روبرت فيسك و هكذا سيقول الرئيس السوري بشار الاسد لاعداء سوريا في نهاية هذه الحرب فلا تنسوا..
2015-10-19 | عدد القراءات 2504