هكذا يقتنص بوتين الفرص و يتحدى الحزب الديمقراطي الاميريكي ... روزانا رمّال
اول ما يخطر على البال عندما يعتزم احد رؤساء الدول الكبرى القيام بعملية عسكرية خارج البلاد هو الالتفات نحو موقف الراي العام المحلي من هذا القرار و مصير شعبية هذا الرئيس او الحزب الذي ينتمي اليه اذا ما اقدم على تنفيذ قراره على اعتبار ان الدول الكبرى كالولايات المتحدة و روسيا و فرنسا و المانيا و بريطانيا و غيرها تاخذ بعين الجدية و الدقة مواقف شعوبها و تحذر بشدة من محاسبتها في الانتخابات على اساس فشلها او ربحها .
منذ احداث الربيع العربي و المخاطر و المؤامرات تحاك لروسيا التي وقفت بوضوح الى جانب حليفها الرئيس السوري بشار الاسد فتعرضت بداية الى محاولات تحريك المعارضة الروسية بالداخل عبر تظاهرات شعبية للمعارضة لسياساته الداخلية و الخارجية بايادي اميريكية اتهمت حينها السلطات الروسية واشنطن فيها وصولا الى احداث جزيرة القرم وصولا الى محاولات سحب اليد الروسية من الشرق الاوسط تماما بابعادها عن الملف السوري و اضعاف النظام خصوصا بعد النجاح بسحبها من ليبيا .
عرفت القيادة الروسية ان استهدافها ايضا هو اساس المخطط الغربي لاضعاف اي امكانية لتطوير المنظمة الدولية الجديدة او الظهور المقلق لما يعرف بدول البريكس من اقتصادات متينة و سياسات موحدة بوجه الدول الغربية التي بدات تضعف قدرتها على الاتحاد ان كان اطلسيا او اوروبيا و هنا فان عين المواجهة الروسية لم تكن غافلة عن ان ما يجري في سوريا و الشرق الاوسط ليس الا رسالة غير مباشرة لموسكو لتحجيم صعودها المتسارع كقطب نافذ في هذا العالم .
الملفت اليوم جاء في قرار الرئيس بوتين القيام بعملية عسكرية استباقية في سوريا لمكافحة الارهاب و بالتالي مساعدة النظام على الثبات و اختصار الوقت للانتصار على الارهاب الذي اصبح يهدد اوروبا و ذلك من دون اي قلق من الرئيس بوتين على شعبيته او حتى على الراي العام الذي ربما يشكل عائق امامه و هذا يعود بجزء بسيط منه كتفاعل الى ان بوتين كان قد اختبر الراي العام الروسي بالعملية العسكرية التي قام بها في شبه جزيرة القرم و التي سانده فيها شعبه الى ان قرر بوتين الدخول على خط مكافحة الارهاب بحزم و قناعة غير مسبوقين ليتبين ان شعبيته اليوم تصل الى اقصاها بعدما أعلنت المؤسسة الروسية الرسمية للاستطلاع "فتسيوم" ارتفاع نسبة تأييد الرئيس فلاديمير بوتين بشكل قياسي بسبب قراره توجيه ضربات جوية لتنظيم "داعش" في سوريا، كاشفةأنها بلغت 89.9 في المئة في تشرين الاول الجاري، بدلا من 89.1 في المئة في حزيران، في حين بلغت بوقت سابق 58.8 في المئة في كانون الثاني 2012.
شعبية بوتين أخذة بالتصاعد بقوة فيما الرئيس الاميريكي باراك اوباما غارق في قلقه و مخاوفه من توريط الحزب الديمقراطي بحرب جدية مع الارهاب تحرم اسرائيل من هدفها تفتيت المنطقة و اذ ب بوتين يقتنص فرص الشعبية و باراك اوباما يضيعها على حزبه بمكافحة الارهاب الذي يكاد يتوج بوتين بطلا دوليا من دون منازع.
قصر النظر الاميريكي و تفضيل المشاريع الاسرائيلية على الداخلية الاميريكية لا تزال موجودة و مطلوبة و هنا سيقف الحزبين الديمقراطي و الجمهوري امام شعبية فلاديمير بوتين الاخذة بالتصاعد بذهول امام امكانية ان ينقلب ما يسمى تورط عسكريا لروسيا ليصبح عرسا وطنيا لتتويج قائدا تخلده روسيا في تاريخها الحديث .
فلاديمير بوتين يتحدى و يثبت للاميريكيين ان شعبية القائد تصنعها قراراته الجدية و الحازمة و ليس القرارات المراوغة و يثبت ان الشعوب تستشعر الحق و تدعمه بحس الانسانية التي ترفض ارهاب و اجرام داعش مهما حيث لا يحتاج الامر الى جنسيات و حضارات.
فلاديمير بوتين قصة زعيم للتاريخ ..
2015-10-23 | عدد القراءات 2224