تفوقت روسيا على اميركا أخلاقيا في الحرب السورية وترجمت تفوقها الأخلاقي بقراءة مدروسة لموازين القوى التاريخية والقانونية قبل الموازين العسكرية ، لأن روسيا لا تريد حربا مع أميركا ، بل تريد النصر في الحرب التي خشيت خوضها اميركا ، بعدما مهدت لها أميركا كل اسباب العالمية وجعلت الخصم جبروتا لا يقهر ، والنصر عليه خلاصا للإنسانية . جاءت روسيا بطلب شرعي من الدولة ذات السيادة ، و درست خطط الحرب بالشراكة مع جيش يملك دون سائر الجيوش الإقليمية والدولية الإرداة والأسباب والعقيدة والقدرة على النصر على الجماعات الإرهابية ، فإمتلكت قيمتين مضافتين لم يتسن لغيرها إمتلاكهما ، وأضافت فوقهما صدقية تتشاركها مع الدولة السورية وجيشها في تصنيف الإرهاب وتحديد أولويات الحرب معه . ذهبت روسيا بهذه القوة إلى لقاء فيينا الذي جمع وزير خارجيتها سيرغي لافروف إلى وزراء خارجية أميركا جون كيري والسعودية عادل الجبير والتركي فريدون سنيرلي أوغلو وحصدت الجوائز وعادت دون أن يسمع خصومها الذي جلسوا إلى المائدة ينتظرون منها كلمة سحرية عن موعد لرحيل الرئيس السوري ، فلم يسمعوها . خرجت روسيا بإلتزام المشاركين بسورية موحدة دولة مدنية علمانية ، كما قال لافروف ، وبرفض الحديث عن موعد محدد لرحيل الرئيس السوري ، كما قال لافروف مشددا أن الرئاسة السورية تخص السوريين وحدهم ، أما الحرب على الإرهاب فشركة عالمية ندعو للمساهمة فيها ، وخرجت روسيا بدعوة لإيران للمشاركة كما قال كيري ، ومصر أيضا كما قال لافروف ، وخرجت روسيا وعلى الباب ينتظر وزير خارجية الأردن ليعلن مع لافروف إنجاز إتفاق عسكري روسي أردني للتعاون في الحرب على الإرهاب . الرهان على الميدان الذي أنضج المواقف وهيأها للتقدم نحو منصة التفاوض ، أن ينضجها أكثر للتقدم في مضمون المواقف ، كما يقول مصدر إعلامي روسي أن موسكو لن تقبل مبدأ الدخول في مناقشة آليات يريد الآخرون إستدراجها لبحثها تحت شعار مرحلة إنتقالية لسوريا ، لأنها تعتبر المساهمة الدولية تنتهي عند حدود إقناع السوريين بالجلوس إلى الطاولة للحوار والتفاوض ، وان العملية السياسية في ظل الحرب على الإرهاب لها مهمة واحدة هي دعم هذه الحرب ، فلا مكان فيها لمن يرى أولويته إسقاط النظام ، ولا لمن يصر على تصنيف التنظيمات الإرهابية كجبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام كفصائل معارضة ، وفيما عدا ذلك يجب أن تكون الأولوية هي الإنتصار في هذه الحرب ، وهذه ميدان الشراكة العالمية وليس حكم سوريا ، فمن يحكم سوريا يبقى شأنا سوريا خالصا ، يقدم المجتمع الدولي معونته النزيهة كضامن لعملية ديمقراطية يتوافق السوريون على خوضها لبناء مؤسساتهم الدستورية ، فيقدم الخبرة والمشورة والمساعدين لتكون النتائج معبرة بأمانة عما يريد السوريون ، وما عدا ذلك لن تسمح روسيا بتداول على مائدة ثنائية أو ثلاثية أو رباعية أو أممية ، أن تتحول لمنبر ومنصة وصاية على السوريين او سواهم خلافا لميثاق الأمم المتحدة ومفهوم السيادة الوطنية للدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها ، وتحويل الحرب على الإرهاب ذريعة لتحقيق الهمينة على الدول والحكومات والتحكم بالشعوب ومصائرها ، ولا للكيد والكراهية والحسابات الخاصة أن تتسلل تحت شعارات براقة لتقرر نيابة عن الشعوب من يحكمها ووفقا لأي نظام وأي دستور .
2015-10-24 | عدد القراءات 2245