بعد التهديد والوعيد بالتوقف عن المشاركة في اجتماعات لاحقة ما لم يخرج هذا الاجتماع بموعد لرحيل الرئيس السوري تبخّر، اسقط بيد وزير الخارجية السعودية عادل الجبير في فيينا فحلّت مكانه كلمة حزينة ، قال فيها الجبير «لقد تمّ الاتفاق على تأجيل قضايا الخلاف إلى اجتماع يحدّد موعده لاحقاً» ومضى بين الصحافيين بينما كان وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري يعقدان مؤتمراً صحافياً بمشاركة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا يعلنان فيه، نقاط الاتفاق، وأبرزها، أنّ قضية الخلاف المتصلة بمستقبل الحكم في سورية خطت خطوة لمصلحة الموقف الروسي، عبر التسليم الأميركي المعلن بأنّ مصير الرئاسة السورية يجب أن يقرّره السوريون أنفسهم، وقول الوزير لافروف إنّ الاتفاق على خارطة طريق تتضمّن الاستناد إلى انتخابات برعاية الأمم المتحدة يشارك فيها السوريون المقيمون واللاجئون، قد وضع كإطار لحوار سوري ــــ سوري ترعاه الأمم المتحدة يمكن أن يترافق مع السعي إلى تزامن بين وقف النار بين فصائل المعارضة والجيش السوري من جهة والعملية السياسية من جهة مقابلة، مقابل التشارك من الجميع، سوريين وغير سوريين، في الحرب على الإرهاب، وفقاً لتعريف وتصنيف الأمم المتحدة، ما يعني شمول «النصرة» و«داعش» معاً ضمن أهداف الحرب وربط تحديد القوى المعنية بالعملية السياسية من المعارضة تلك التي ترتضي هذا التصنيف وتتحمّل تبعاته.
الإرتباك السعودي لم تكن تنقصه الضجة الإعلامية التي أثارها الكلام الأميركي عن دعم المعارضة السورية المعتدلة والاستعداد لإرسال قوات برية، ليتمخّض عن قرار عن إيفاد عشرين مقاتلاً كمستشارين لفصائل المعارضة الراغبة بالمشاركة في الحرب على «داعش» وفقاً لمعادلة أميركية عُرضت على الحلفاء قوامها، السعي إلى إمساك مناطق سيطرة «داعش» وتسليمها إلى المعارضة المدعومة من الغرب والحلفاء، قبل أن تصل إليها وحدات الجيش السوري المدعومة جواً من الطائرات الروسية، لضمان تفاوض متوازن بين المعارضة والحكومة حول الحكومة الموحّدة، بينما يبدو الأمر فوق قدرة هذه المعارضة التي لا تغدو كونها واجهات إعلامية لا وجود فعلياً لها في ميادين القتال وحالهم تشبه العدد الذي قررته واشنطن لتغيير الوضع العسكري بعشرين مقاتل على جبهات تضم عشرات الألوف من المقاتلين ،، لكنه يحقق للأميركي امتصاصاً لحملة بدأها الجمهوريون على إدارة الرئيس باراك أوباما بتهمة التخلي عن المعارضة السورية من جهة، ورسماً لسقف التحدي أمام الحلفاء الإقليميين لإبراء الذمة لاحقاً تجاه أيّ فشل وتحميلهم مسؤوليته.
وبينما كان التقاذف بالمقترحات الكلامية في فيينا، بين واشنطن وحلفائها حول كيفية مسابقة روسيا والجيش السوري إلى مناطق سيطرة «داعش»، قبل أن يصل الجيش السوري بدعم روسي إلى حسم مناطق سيطرة «جبهة النصرة»، كان رئيس الحكومة السورية وائل الحلقي يعلن بدء التحضيرات اللازمة لفتح طريق حلب بعد الإنجازات التي حققها الجيش، وما يعنيه ذلك من اكتمال الطوق عملياً خلال أيام حول حلب من جهة نبل والزهراء ومطار كويرس وطريق خناصر.
المسار السياسي يلاقي المسار العسكري في سوريا والمتنتصرون في الميدان هم أنفسهم المنتصرون في المنتديات الدولية ، والمعادلة التي رسمتها سوريا عبر عنها منذ زمن وزير الخارجية السورية وليد المعلم بقوله لن تأخذوا بالسياسة ما عجزتم عن حسمه في ميادين القتال .
2015-10-31 | عدد القراءات 2638